الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

32/12/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع/ قيام الأمارات مقام القطع/ القطع الموضوعي الطريقي
  نلخص ما تقدم لنستحضر المطلب بعد عطلة عيدي الأضحى والغدير فنقول :
 كان الكلام في تنزيل الأمارة منزلة القطع الموضوعي المأخوذ بنحو الطريقة وقلنا بأن الشيخ الأنصاري في الرسائل تمسك بإطلاق دليل الحجية لإثبات التنزيل بلحاظ الآثار الموضوعية والطريقية وقد اعترض عليه المحقق الآخند في حاشيته على الرسائل بلزوم اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي وذكرنا أن المحقق النائيني أجاب عن ذلك بأن هذا المحذور مبني على نظرية جعل الطريقية والعلمية والتنزيل الذي يرجع الى الحكومة بلحاظ عقد الوضع ، ولكن لو قلنا بنظرية الاعتبار - وهي ما عرف بالحكومة الميرزائية التي ترجع إلى الورود - أي اعتبار الأمارة علما فلا يلزم اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي لأنه مجرد اعتبار .
 ثم ذكرنا جواب صاحب الكفاية نفسه على كلامه في الحاشية وحاصله:

 أن محذور اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي مرتفع وذلك لوجود الطولية بين التنزيلين حيث إن تنزيل المؤدى منزلة الواقع مفاد بالدلالة المطابقية بينما تنزيل القطع بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي مفاد بالدلالة الالتزامية ومن المعروف أن المدلول ألالتزامي في طول المدلول المطابقي، ثم أشكل على الطولية بلزوم اللغوية، وذلك لأن الآثار تترتب على مجموع الجزأين الذين يتركب منهما الموضوع ، ففرض التنزيل بلحاظ الجزء الأول يلزم منه اللغوية ، لأن المفروض أن الأثر لا يترتب إلا على المجموع المركب ولا يترتب على جزء الموضوع ، وكذلك يلزم محذور خلف الفرض كما هو واضح .
 وبعد ذلك نبدأ من النقطة التي وقفنا عندها وهي بيان جواب المحقق العراقي على لزوم اللغوية وحاصله:
 أن اللغوية ترتفع من خلال الالتزام بالحكم الإقتضائي التعليقي نظير وجوب الحج عند تحقق الاستطاعة المعلق على تحقق البلوغ وهذا الأثر يكفي في رفع اللغوية ، وعليه فالمحقق العراقي يلتزم بالطولية بين التنزيلين من دون أي محذور .
 هذا، وقد أشكل السيد الشهيد قده على ما أفاده المحقق العراقي بأمور ثلاثة:

 الأول: إن ما أفاده (قده) من الحكم الاقتضائي التعليقي لا يرجع الى محصل وذلك لأن حقيقته هي الإخبار ولا ربط له بالإنشاء والتشريع ، وهو عبارة عن أمر انتزاعي ليس فيه بعث وتحريك ، والحكم الإنشائي الوجوبي الذي يستتبع تحريكا وبعثا لا يصبح فعليا إلا بعد أن يتحقق كلا الجزأين الذين يتركب منهما الموضوع ففي مثال وجوب الحج على البالغ المستطيع لا يصبح الوجوب فعليا إلا بعد تحقق جزئي الموضوع أعني الاستطاعة والبلوغ ، وبناء على ذلك فإن الحكم الانتزاعي الاقتضائي المتعلق بجزء الموضوع لا يرفع اللغوية والذي يؤيد ذلك أنه لو كان الحكم التعليقي محركا للزم أن يكون المكلف معاقبا بعقابين الأول على مخالفته وجوب الحج المعلق على تحقق البلوغ والثاني على الوجوب المعلق على الاستطاعة مع أنه لم يلتزم أحد بذلك حتى المحقق العراقي .
 بقي إشكالان للسيد الشهيد على كلام المحقق العراقي يأتي التعرض لهما في الدرس اللاحق إنشاء الله