الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

32/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع/ قيام الأمارات مقام القطع/ القطع الموضوعي الطريقي
 قلنا أن الميرزا حاول الإجابة على دعوى صاحب الكفاية وهي استحالة قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي الطريقي للزوم اجتماع لحاظين آلي واستقلالي على ملحوظ واحد من لاحظ واحد ، وقد أجاب بما يرجع إلى إنكار التنزيل الذي يلزم منه هذا محذور ،والقول بمسلك الاعتبار أعني اعتبار الأمارة علما ، وقد ناقشنا ذلك ، إضافة إلى أنه لا يمكن التمسك باطلاقات أدلة حجية الأمارة لإثبات آثار الطريقية والموضوعية ، وذلك لأن العمدة من الأدلة التي تذكر على حجية الأمارة سيرة العقلاء ، وهذا الدليل الذي قام على حجية خبر الواحد أو العمل بالظهورات - وهي الأمارات التي ثبتت حجيتها منعقد على أن العقلاء يتعاملون مع الظن الحاصل من خبر الثقة أو الظهور معاملة القطع ، فهم ينزلون الظن والأمارة منزلة العلم والقطع لكن بلحاظ المنجزية والتي هي من آثار القطع الطريقي ،فإن التنجيز إنما يتم من خلال إحراز كبرى الجعل وصغرى الموضوع ، ولا يتم ذلك إلا من خلال القطع الطريقي، أما أخذ القطع كموضوع فهي طريقة خاصة لدى الشارع، ولم يعهد لدى العقلاء أنهم يأخذون القطع في موضوع حكم من الأحكام أو أثر من الآثار.
 إن قلت : يمكن التلفيق بين الشارع والعقلاء ، بأن يدعى قيام السيرة على اعتبار الأمارة علما لأجل ترتيب الآثار الشرعية فيكون ما عند الشارع وهو أخذ القطع في موضوع الحكم الشرعي في موضوع دليل الحجية أعني سيرة العقلاء .
 قلت : إنه أغرب ما يكون ، لأن كل مقنن له ساحته الخاصة وليس لغيره التدخل ، فكما أن الشارع لا يتدخل بالأحكام العقلية ، بل لا معنى لتدخله بها ، فكذلك العقلاء ليس لهم التدخل بما هو ساحة الشرع ، فكل مشرع يتصرف في دائرة تشريعاته وتقنيناته ولا يتناول أحكام غيره .
 وحاصل الجواب على صاحب الكفاية :

انه لم يجتمع لحاظ آلي ولحاظ استقلالي من لاحظ واحد على ملحوظ واحد ، وذلك لأن الدليل الذي تكفل إثبات الحجية وهي السيرة العقلائية غير قائمة على الأخذ بالأمارة وتنزيلها منزلة القطع الأعم من القطع الموضوعي والقطع الطريقي ، لأن القطع الموضوعي غير معهود في طريقة العقلاء وسيرتهم .
 إلا أن صاحب الكفاية في حاشيته على الرسائل التزم بهذين التنزيلين ولكن أجاب على محذور اجتماع اللحاظين بطريقة أخرى وحاصلها الالتزام بالطولية فيما بين التنزيلين ، وسوف يأتي في الدرس اللاحق تفصيل الكلام في ذلك إنشاء الله