الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الاصول

32/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الأصول \ مبحث التجري \ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع

 كان الكلام في الدرس السابق فيما أفاده المحقق النائيتي , وأن تطبيق الملازمة على موردنا لا يخلو من احتمالات ثلاثة ، وفي هذا الدرس سوف نتعرض لمناقشة ما أفاده ، ونبدأ بالاحتمال الأول حيث أجاب عنه الشهيد الصدر بما يلي :

جواب الشهيد الصدر على الاحتمال الأول :

 وحاصله : أنه يوجد انحلالية في عالم المجعول كما مر نظيره في الدليل على حجية الخبر الواحد من أن الخبر المنقول بالواسطة ليس إخبارا وجدانيا ولا تعبديا قبل شمول دليل الحجية للخبر المباشر لأن غاية ما يدل عليه دليل حجية الخبر أن الخبر المنقول لنا بالمباشرة والذي أحرزناه بالوجدان هو حجة فإخبارات الشيخ الطوسي ثبتت حجيتها ببركة دليل حجية خبر الواحد أما إخبار غيره له فلم يثبت لنا لا بالمباشرة ولا بالتعبد ما لم يشمل دليل الحجية الخبر المباشر ، وعليه فدليل الحجية لا يشمل الخبر المنقول بالواسطة إلا من خلال الالتزام بالانحلالية في عالم المجعول بأن نقول إن خبر الصفار مثلا الذي نقل عنه الشيخ الطوسي الذي قد ثبتت حجيته بشمول دليل الحجية له بأن نعتبر أن الحجية الثابتة لخبر الطوسي تنقح ثبوت خبر الصفار تعبدا ، فيشمله دليل الحجية بوصفه إخبارا من الإخبارات ولو تعبدا ، وهكذا بالنسبة للواسطة الثانية والثالثة ...الخ ومقامنا من هذا القبيل فإنه بعد قيام الدليل وثبوت الحرمة للخمر الواقعي يتنقح موضوع التجري وتثبت له نفس الحرمة الثابتة للخمر الواقعي يعنى يتولد من نفس دليل حرمة الخمر الواقعي حرمة ثانية تنصب على الفعل المتجري به أي تنصب الحرمة الثانية - المتولدة من حرمة شرب الخمر الواقعي -على شرب الخل باعتقاد أنه خمر .

الجواب على ما أفاده الشهيد الصدر

 وفيما أفاده رضوان الله عليه نظر حيث إن بين مقامنا ومسألة حجية خبر المنقول بالواسطة فرق ، وذلك لأنه في مورد حجية الخبر تكون المسألة من قبيل الكلي وتطبيقاته ، حيث إن خبر الشيخ الطوسي هو بمثابة التطبيق لكبرى حجية خبر الثقة وكذلك خبر الصفار الذي نقل عنه الشيخ الطوسي غايته أن أحدهما ثابت بالوجدان والآخر بالتعبد، بينما في موردنا تكون المسألة أشبه بالكل وأجزائه ، وذلك لأن موضوع الحرمة المدعاة فيما نحن فيه مركب من جزأين ، الجزء الأول شرب الخمر الواقعي ، والجزء الثاني شرب الخل باعتقاد أنه خمر ، وقد قلنا بعدم إمكانه بلحاظ أن موضوع التجري إنما يتنقح بعد وصول حرمة الخمر الواقعي وتنجزها ، وبعبارة أخرى إن محذور اجتماع المتقدم والمتأخر لم يكن في عالم المجعول ، وإنما كان في عالم الجعل .

جواب الشهيد الصدر على الاحتمال الثاني مما أفاده المحقق النائيني

 أجاب عنه السيد الشهيد بنكتة مركبة من أمرين :

الأول: أنه يكفي في تحقق الغرض أن يصل وصولا إجماليا ولا يشترط الوصول التفصيلي في تحققه .

الثاني : إن حرمة التجري ليس عالمه عالم مخالفة التكاليف الواصلة المعلومة ،وإنما عالمه عالم التكاليف المنجزة سواء كانت معلومة أو لا،

 وبناء عليه فيكفي في ترتب الحرمة أن يعلم إجمالا أن ما يشربه حرام ،إما لأنه خمر ،وإما لأن ما يرتكبه منجز عليه حتى لو لم يكن معلوم الخمرية ، وعليه سوف يؤدي هذا الخطاب وظيفته ولو من خلال الوصول الإجمالي.