الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: الوجه الثالث ما دل على عموم المنزلة الشامل للمقيم بحد ترخص/المسألة 65/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

الوجه الثالث: استفادة ذلك مما دل على عموم منزلة المقيم بالنسبة للمواطن، فكما أن المواطن يجب عليه التمام في الذهاب ما لم يبلغ حد الترخص، فكذا المقيم هو بمنزلته، كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: " من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه إتمام الصلاة، إذا رجع إلى منى حتى ينفر "[1] .

والحاصل: أن يُدعى أن مقتضى عموم التنزيل شمول جميع أحكام الوطن للمقيم وجريانها عليه، والتي من جملتها اعتبار حد الترخص في وجوب القصر عليه إذا ما أراد الخروج عن مكان إقامته. ومساواته لأهل البلد في كل ذلك. والتي منها اشتراط حد الترخص في ثبوت التقصير عليه بالخروج عن محل إقامته.

وفيها: أنه قد حكم (ع) بالتمام عليه لدى عوده من عرفة إلى مكة، وكذا في رجوعه من مكة إلى منى إلى أن ينفر، مع أنه مما لم يقبل به أحد، وذلك لسقوط حكم الإقامة بالخروج عنها إلى عرفة، وأن المقيم إنما يكون منزلة أهل مكة ما دام مقيماً فيها لا بعد عنها، وإنشاء السفر إلى عرفة ثم العود إليها. والحاصل: أن الرواية معرض عنها، فتكون ساقطة عن الاعتبار والحجية، وعلى فرض العمل بها باعتبارها صحيحة، فإنه يُقتصر على موردها، وهو مكة فيُلتزم بكون المقيم فيها بمنزل أهلها، ولا يتعدى عنها إلى غيرها اقتصاراً على ما خالف القاعدة على مورد النص. وهذا يتم على المبنى الصحيح في حجيّة خبر الثقة، وإنما يبقى الإشكال على مبنى من يرى وثاقة المخبر بنحو الموضوعية، إذ لا أثر لإعراض المشهور؛ لأن تمام موضوع الحجيّة وثاقة المخبر، وهي محققة رغم عدم عمل المشهور بمضمونها. وقد تحصل: عدم ثبوت الدليل على اشتراط حد الترخص في محل الإقامة حتى يصلح لتخصيص اطلاقات أدلة القصر على المسافر، فيكون المرجع عمومات القصر على كل مسافر وهو صادق على المقيم بمجرد خروجه عن مكان إقامته، وإن لم يبلغ حد الترخص.

ودعوى: استصحاب وجوب التمام بعد الخروج عن محل الإقامة، وقبل بلوغ حد الترخص.

مدفوعة: بكونه محكوماً لإطلاقات أدلة وجوب القصر على المسافر، ولا شك في كونه مسافراً بخروجه من محل الإقامة حتى لو قلنا: بكونه بمنزلة الوطن.

إن قلت: إن إطلاقات وجوب القصر على المسافر معارضة مع إطلاقات وجوب التمام على المقيم في محل إقامته، وبعد التساقط نرجع إلى استصحاب وجوب التمام حتى يبلغ حد الترخص.

قلت: إن الخارج عن مكان الإقامة قاصداً السفر حتى ولو لم يبلغ حد الترخص، ليس في محل الإقامة، وبالتالي لا تشمله اطلاقات وجوب التمام على المقيم؛ لأن ذلك مخصوص في محل إقامته وهذا ليس في محل إقامته، بل قد خرج عنه، فليس لدينا إلا إطلاقات وجوب القصر على المسافر الصادق عليه بلا تأمل، المانعة عن التمسك باستصحاب وجوب التمام على المقيم الذي خرج عن محل إقامته حتى قبل بلوغه حد الترخص.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج5، ص499، ابواب عدم اشتراط العود في يومه أو ليلته للقصر، باب3، ح3، ط الاسلامية.