الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

36/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الإجارة-  الأدلة على أن الأمر موجب للضمان.
المسألة العشرون : ذكر فيها الماتن أنه لا بد في كل من إجارة الأعيان والأعمال من أن تكون المنفعة علاوةً على عدم استهلاك العين مع استيفائها في إجارة الأعيان محللةً مقصودةً لدى العقلاء، والذي يظهر من كلماته قدس سره أن شرطية كونها مقصودة لديهم كطريق لشرطية كون المنفعة متمولة بنظر العرف بأن يكون لها مالية، على أساس أن الإجارة هي من عقود المعاوضة والتي فيها مبادلة مالٍ بمال، فيشترط تحقيقاً لحقيقة هذه المبادلة المالية أن تكون المنفعة ذات مالية، ولا تكون كذلك إلا إذا بذل المال بإزائها، وهو فرع أن تكون محللة مقصودة لدى العقلاء، بأن تكون محط رغبة النوع، ومن الواضح أن استيفاء المنفعة من العين حيث لا يكون على وجه المجانية فلا بد من استيفاء تلك المنفعة إشباعاً للرغبة لدى النوع من بذل الأجرة ؛ وهذا معنى مالية المنفعة، وبالتالي يصدق أنها مبادلة مالٍ بمال .
ثم إن كون المنفعة المحللة المقصودة لدى العقلاء تارةً تكون مقصودةً لديهم بشكل دائم كالكرسي للجلوس عليه والدار للسكن، وقد تكون مقصودة بحالة نادرة كحالة المرض لغرض فيستأجر ما يكون علاجاً لذلك لكن حال تحقق المرض . ثم عرَّج على سائر المعاوضات والمبادلات المالية والتي منها البيع، ومثَّل لذلك بحبة الحنطة حيث لا يجوز بيعها لعدم ماليتها لقلتها ؛ إذ ليست محط رغبة النوع كي يتهافتوا عليها ويبذلوا المال لأجلها، لكن لو صارت هذه الحبة رغم قلتها محط رغبة النوع وتهافت عليها العقلاء فبذلوا المال من أجل الحصول عليها، فسوف تصبح متمولة وبالتالي تصح المعاوضة عليها ومبادلتها بمال آخر .
أقول : أما شرطية أن تكون المنفعة محللة فقد ظهر وجهها مما تقدم، وهكذا شرطية أن لا يستلزم استيفاء المنفعة استهلاك العين، وإنما الكلام في شرطية أن تكون المنفعة المحللة مقصودة لدى العقلاء، فما يصلح لأن يكون مدركاً لها عبارة عن :
الأول : ما ذكره الماتن قدس سره من أن اشتراط كون المنفعة مقصودة لدى العقلاء حتى يكون متمولة عند العرف فتصح المعاوضة عليها وبذل الأجرة بإزائها بحيث لو لم تكن كذلك لم تصح الإجارة، لأنها من عقود المعاوضة والمبادلة ما بين مالين، ومع عدم كونها موضع رغبة النوع فإنه لا تبذل الأجرة بإزائها فلا مالية لها عند العرف .
وهذا ما يُناقش فيه تارةً بما عن السيد الخوئي من أنه لا يُشترط في صدق البيع– مثلاً– أن تكون المبادلة ما بين مالين، بل يكفي أن تكون ما بين ملكين، سواء كان متمولاً أو لا، ولا دليل على الشرطية إلا تعريف صاحب المصباح ؛ وهو من باب شرح الإسم لا أنه بيان لحقيقته، وإلا فإن حقيقته معلومة لدى العرف وهو المعاوضة فيما بين الملكين .
وفيه : أنه يُشترط في صدق المعاوضة والمبادلة كما في المصباح مالية العوضين والملكين لا لأجل شهادة صاحب المصباح بل لقضاء الوجدان العرفي بذلك، وأنه لا يكفي في صدق المبادلات ملكية العوضين، بل لا بد من أن يكونا متمولين .