الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

35/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الإجارة- لو عمل للغير لا بأمره.
المسألة الثامنة عشرة: ما لو عمل للغير لا بأمره ولا إذن منه فإنه لا يستحق الأجرة، بل حتى لو اعتقد الأجير وجود الأمر أو صدور الإذن فظهر خلافهوأن لا أمر ولا إذن لذا لا يستحق الأجرة.
ونكتة ذلك أن ملاك ضمان عمل المسلم مركب من مقتضٍ وعدم مانع؛ والأول عبارة عن أمر المستوفي للعمل الذي صُبت منفعة العمل في ماله، والثاني عدم هدر الأجير مالية عمله وهتك حرمته بإقدامه على المجانية لا الضمان، ولا يكفي تحقق عدم المانع ما لم يُحرز المقتضي، وحيث لا أمر ولا إذن فلا موجب للضمان حتى لو أقدم الأجير على وجه الضمان وعدم المجانية؛ لأنه غير مانع عن الضمان مع ثبوت المقتضي، ولا مقتضي أساساً للضمان حتى ولو كان يعتقد وجوده.
نعم قد يدعى الضمان تارةً بملاك قاعدة " على اليد " بناءً على شمولها للعمل ولو بلحاظ منافعه، وأخرى بملاك قاعدة " الإستيفاء " حيث استوفى صاحب العين العمل بعد أن صبَّ العامل منفعة عمله في العين، وأن عمل المسلم باعتباره مالاً لا يذهب عليه هدراً، لا سيما أنه لم يُقدِم على المجانية وإنما على وجه الضمان.
وكل ذلك لا ينهض دليلاً على الضمان كما أسلفنا؛ فإن تمام ملاك الضمان في باب الأعمال حتى لو قلنا بشمول قاعدة " على اليد " وقاعدة الإستيفاء لها هو أمر المستوفي وإذن صاحب اليد، وشيء من ذلك غير متحقق وإن كان يتخيل العامل خلافه، وإنما يبقى الكلام في موارد الخطأ في التطبيق؛ كما لو كان لدى المستأجر ثوبان أصفر وأخضر وقد أمر الأجير بخياطة الأصفر فخاط له الأخضر، فإنه وفقاً لما ذكره الماتن لا يستحق الأجرة المسماة على الثوب الأصفر لعدم خياطته وعدم إتيانه بمتعلق الإجارة، ولا أجرة المثل على الثوب الأخضر لعدم الأمر رغم أن الأجير لم يقدم على المجانية وإنما على الضمان.
وهذا ما استبعده السيد الأستاذ عرفاً بأن يذهب عمل الأجير عليه هدراً لمحض خطأٍ في التطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار تحقق الزيادة في مال المستأجر حيث صار ثوبه مخيطاً، فيكون قد ربح الزيادة في قيمة الثوب نتيجة خياطة الثوب مجاناً ومن دون أجرة للعامل، وقاعدة العدل والإنصاف العقلائية تأباه حيث تقتضي حفظاً لحقوق الطرفين، وجمعاً للحقين تخيير المالك للثوب بين تحمل قيمة العمل أو ضمان العامل لمثل أو قيمة الثوب غير المخيط.