الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- الإجارة
وأورد عليه: إن القاعدة – حسب مبنى الماتن – لما كانت تحريم فضل الأجرة إلا ما خرج بالدليل، وما قام عليه الدليل خصوص ما لو أتى ببعض العمل بأن صبَّه في العين وليس منه المورد فيبقى تحت إطلاقات أدلة المنع.
وفيه: إن الصحيح ما ذكره الماتن عملاً بالنكات التي ذكرتها الروايات لتجويز فاضل الأجرة حيث لا إشكال في شمولها لمثل ما لو أتى ببعض الصلاة، مضافاً: إلى النكتة التي ذكرها السيد الخوئي وقد حملناها على الطريقية لا الشرطية ؛ أعني المغايرة ما بين مصبِّ ومتعلق الإجارتين حيث إن الأولى تعلقت بسنة صلاة والثانية بما دون ذلك كل ذلك خروجاً عن إطلاقات أدلة المنع، والتي مصبها اتحاد متعلق الإجارتين.
المسألة الثالثة:
يستعرض فيها الماتن ما لو لم يشترط المستأجر على الأجير المباشرة وكانت ذمته مشغولةً له بعملٍ كليٍّ في ذمته ولم يوكل إنجاز العمل وتحقيقه إلى الغير، إلا أن ذلك الغير أتى بالعمل تبرعاً عن الأجير بقصد تفريغ ما اشتغلت به ذمة الأجير وتحقيقه، ولا إشكال في أن ذمة الأجير سوف تفرغ بذلك ويستحق أجرة المسمّى من المستأجر سواءً رضي – الأجير - بذلك التفريغ لكلي العمل الذي في ذمته أم لم يرضَ! وذلك لجواز تفريغ ذمة الغير من الدين الذي عليه سواءٌ كان متمثلاً بعملٍ أو مالٍ بلا حاجةٍ إلى علمه بذلك ولا إلى إذنٍ منه، وذلك لكون التفريغ هذا نحو إبراءٍ لما في ذمته من دينٍ ولا يحتاج إلى رضاه بعد أن كان من الإيقاعات التي لا تحتاج إلى رضاه لعدم كونها تصرفاً فيما له سلطانٌ عليه لا بالإدخال ولا بالإخراج، إذ ليس في ذلك تمليك العمل له حتى يحتاج إلى إذنه ورضاه، اللهم لكن بشرط أن يكون الغير قاصداً الوفاء وتفريغ ذمة الأجير، لا مجرد الإتيان به من دون قصد ذلك، ولا نحتاج بعد ذلك إلى تكلُّف الإستدلال عليه تارةً بسيرة العقلاء الممضاة شرعاً، ولا بروايات أداء الأب دين الإبن من غير حاجةٍ إلى مراجعته والإستئذان منه، ولا إلى علمه بذلك، فإنه نحوٌ من النيابة وإنما قيّد الحكم ببراءة ذمة الأجير بصورة عدم اشتراط المباشرة، لأنه لو اشترط المالك عليه  المباشرة له أن لا يرضى بتبرع الغير بالعمل بعد أن لم يكن مصداقاً لما يملكه في ذمة الأجير من دين، لأنه وإن كان كلياً في الذمة لكنه مقيَّدٌ بالمباشرة وهذا ما لا ينطبق على عمل المتبرع، بخلاف ما لو لم يشترط ذلك حيث يكون غرضه كامناً في النتيجة وليس في صدور العمل من الأجير بالخصوص بل لكونه مفضياً إلى غرضه أعني ظهور منفعة العمل في العين. وقد عرفت أنه يستحق الأجرة المسماة بعد تحقق متعلق الإجارة ولو لم يكن بالمباشرة من الأجير حيث لم يُشترط عليه ذلك، ولا بالتسبيب وإنما بفعل الغير تبرعاً بقصد إفراغ ذمته.