الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة \ تأجير العين المستأجرة بأقل مما استؤجرت
 كان الكلام في التنافي الحاصل بين الطائفتين الثالثة والرابعة وقلنا بأن البعض حمل الروايات الناهية على الكراهة.
 والوجه في الحمل على الكراهة: أن روايات الطائفة الرابعة من قبيل: "فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها" ظاهرةٌ في الحرمة باعتبارها صيغة نهيٍ، ورواية أبي المغرا صريحةٌ في نفي البأس والجواز، فيُحمل ظاهر الروايات في الطائفة الرابعة على صريح ما في الطائفة الثالثة أي على الكراهة، وتُرفع اليد عن ظهورها في حرمة فضل أجرة الأرض.
  وقلنا بأن ما ذكره السيد الأستاذ يرجع إلى نكتتين:
 1- إن الحمل على الكراهة لا يتم في مثل رواية الحلبي التي ورد فيها التصريح بنفي الجواز الآبية عن الحمل على الكراهة فلا يتم ما ذكره المشهور من الحمل على الكراهة.
 2- إن الكراهة غير مستساغةٍ في الأحكام الوضعية.
 وما أفاده أولاً متينٌ،
 وأما ما ذكره ثانياً فيرد عليه:
 أولاً بالنقض: بما في صحيحة سليمان بن خالد وهي ما عن محمد بن علي بن الحسين باسناده عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إني لأكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم أواجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن أحدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما) [1]
 صحيحٌ أنها وردت في الرحى لا في الأرض، إلا أن المفاد واحدٌ بالنسبة للكراهة.
 ودعوى: أن الكراهة هنا ليست بالمعنى الإصطلاحي وإنما بمعنى المبغوضية، فلا تتم نقضاً على مدَّعى السيد الأستاذ.
 مدفوعةٌ: بأنه يكفينا ظهورها في المبغوضية الأعم من الحرمة أو الكراهة الإصطلاحية.
 وثانياً بالحل: إنه لا إشكال في كراهة بل في حرمة بعض العقود كالبيع وقت النداء، ومقامنا حيث تكون الإجارة الثانية أزيد مما استأجر تكون محكومةً بالكراهة، وليس هذا من الكراهة في الحكم الوضعي حتى يقال إنها غير مستساغةٍ، وإنما مصبها نفس العقد الذي هو فعل المكلف، والذي قد يكون محرَّماً وقد يكون مكروهاً.
 وأما ما ذكره السيد الأستاذ من وجهٍ لمعالجة التعارض : من أنه سوف يقع التعارض بين الطائفتين الثالثة والرابعة المفصِّلتين، وبعد التساقط يكون المرجع عمومات البطلان وهي الطائفة الأولى بناءً على استفادة التعميم منها، لا عموم الصحة؛ لأن عمومات الطائفة الأولى أخص من عمومات صحة العقود.
 يلاحظ عليه: أنه لم أفهم وجه التعارض إلا بناءً على اختصاص الطائفة الثالثة بالإجارة، ومع ذلك لا معارضة، والوجه فيه: إن الطائفة الثالثة تعرضت لتقبل الأرض بمعنى الإجارة بالدرهم والدينار وغيرهما من الطعام المضمون والأجر المقطوع، ونفت البأس عن فضل الأجرة فيه، بينما أثبتت البأس في فضل الأجير والبيت، في حين أن الطائفة الرابعة فصَّلت ما بين الإجارة والمزارعة، حيث أثبتت البأس في فضل الأجرة في الأول فيما لو كان بالدرهم والدينار دون الثاني؛ فتكون هذه الطائفة مبيِّنةً وشارحةً للإطلاق المذكور في الطائفة الثالثة.
 إلا أن الذي يتراءى لي أن هذا البيان غير تامٍ: وذلك لأن التعبير ببعض الروايات عن الدرهم والدينار بأنهما مضمونان، وفي البعض الآخر مصمتان أي لا يزيدان، يوجب عدم الإختصاص بهما، بل يعمُّ حتى مثل الطعام إذا لم يكن بحصةٍ من الناتج إذا كان مقطوعاً لا يزيد ولا ينقص. فالمنظور في الروايات أن الأجرة مقطوعةٌ أو بحصةٍ من الناتج.
 ثم لو سلمنا بالتعارض: فإن المرجع عموم أدلة الصحة وسلطنة الناس على أموالهم، لا إطلاقات الطائفة الأولى لما عرفت من عدم العموم فيها لغير ما ذكرته الروايات من عناوين.
 والحمد لله رب العالمين
 


[1] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 259 باب 20 ح 1