الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة \ تأجير العين المستأجرة بأقل مما استؤجرت
 الكلام في الدليل الثاني الذي يستدل به على مدعى الماتن
  الإيراد الثاني للسيد الأستاذ: دعوى أن نظر روايات الطائفة الثالثة المفصِّلة إلى التفصيل بين الفضل الذي يحصل من تقبل الأرض، والفضل الذي يحصل من إجارة الحانوت والأجير ، وذلك لأن الأرض حيث يمكن المزارعة فيها بخلاف البيت والحانوت، حيث لا يصح فيها إلا الإجارة المقطوعة، لذا أجازت الفضل في الأرض لمكان الزراعة بخلاف فضل الأجرة في إجارة البيت والحانوت لكونها مقطوعةً.
 ومما يؤكد هذا المعنى أمران:
  1- ظهور الطائفة المفصِّلة في ذلك، وذلك لأن الغالب كون الإستفادة في الأراضي الزراعية بالمزارعة لا بالإجارة المقطوعة، ويدعم هذا المطلب التعبير بالتقبل من الدهاقين ودفع حظ السلطان، فالنظر إلى باب المزارعة لا الإجارة.
 2- أن الطائفة الرابعة التي فصلَّت ما بين الإجارة والمزارعة خير شاهدٍ على المدَّعى والفهم المذكور لورودها في خصوص الأرض، ولذا تكون مقيِّدةً لإطلاق الطائفة الثالثة بجواز الفضل فيما لو كانت الإستفادة من الأرض بنحو المزارعة لا الإجارة.
 ودعوى: أن حمل الإجارة الواردة في الطائفة الثالثة على المعنى الأعم خلاف الظاهر، بل صريحةٌ في الإجارة المقابلة للمزارعة، بخلاف التقبل فإنه أعم من الإجارة، فتكون الطائفة الرابعة المفصِّلة ما بين الإجارة والمزارعة بلحاظ الإجارة معارضةً مع ما ورد في الطائفة الثالثة لورودها في خصوص الإجارة فتُحمل الطائفة الرابعة على الكراهة.
 أورد عليها السيد الأستاذ تارةً: بأنه لا إشكال لغوياً في استعمال الإجارة في مطلق ما يكون فيه أجرٌ ومكافأةٌ سواءٌ كان ذلك من خلال الإجارة أو المزارعة، وروايات المزارعة المستعمل فيها لفظ الإجارة في خصوص المزارعة كثيرةٌ،حيث أطلقت الإجارة في مورد المزارعة والأَكَرَة الأجراء في مورد المزارعين.
 منها: ما عن محمد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبي نجيح المسمعي ، عن الفيض ابن المختار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام : (جعلت فداك ما تقول في أرض أتقبلها من السلطان ثم أواجرها أكرتي على أن ما أحرج الله منها من شئ كان لي من ذلك النصف أو الثلث بعد حق السلطان ، قال : لا بأس به كذلك أعامل أكرتي) [1]
 ومنها: ما عن الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبي المغرا قال : سأل يعقوب الأحمر أبا عبد الله عيه السلام وأنا حاضر فقال : (أصلحك الله انه كان لي أخ قد هلك وترك في حجري يتيما ولي أخ ضيعة لنا ، وهو يبيع العصير ممن يصنعه خمرا ويواجر الأرض بالطعام فأما ما يصيبني فقد تنزهت ، فكيف أصنع بنصيب اليتيم ؟ فقال : أما إجارة الأرض بالطعام فلا تأخذ نصيب اليتيم منه إلا أن تواجرها بالربع والثلث والنصف الحديث .) [2] ونحو ذلك من الروايات التي تدل على استعمال الإجارة في مطلق ما يكون فيه أجرٌ ومكافأةٌ سواءٌ كان ذلك من خلال الإجارة أو المزارعة
 وأخرى: أنه لا يصح حمل روايات الطائفة الرابعة على الكراهة لصراحة بعضها في البطلان كرواية الحلبي الوارد فيها التعبير بقوله عليه السلام: " لا يجوز " لا النهي حتى يُحمل على الكراهة، بل التفصيل بين المزارعة والإجارة، والتعليل الوارد في الروايات يوجبان صراحة الدلالة على البطلان، وبالتالي لا يصح حملها على الكراهة، بل الحمل على الكراهة في مثل هذه الأوامر الإرشادية غير مستساغٍ وبحاجةٍ إلى عنايةٍ.
 وسوف تأتي تتمة ذلك والحمد لله رب العالمين.


[1] - الوسائل(الاسلامية) ج 13 المزارعة باب 15 ح 3
[2] - الوسائل(الاسلامية) ج 13 المزارعة باب 16 ح 7