الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة \ تأجير العين المستأجرة بأقل مما استؤجرت
 الكلام في في النقطة الأولى التي ذكرها الماتن من اختصاص حرمة فاضل الأجرة بالعناوين المذكورة في الروايات القرائن وقلنا بأن ما يصلح أن يكون دليلا على مدعاه أحد أمرين وقلنا بأن الدليل الأول حاصله: أن الحكم بحرمة فاضل الأجرة لما كان على خلاف ما تقتضيه القاعدة، وخلاف إطلاقات أدلة الصحة فلا بدَّ أن يُقتصر على الموارد المذكورة في الروايات، وقد نوقش تارة بالنقض وأخرى بالحل وثالثة بوجود قرائن في الروايات يظهر منها إعطاء الضابطة الكليَّة.
 أما ما ذكره السيد الأستاذ من نقض ففيه أولاً: إن النقض حقيقةً ليس على خصوص الماتن، وإنما على كل من خصَّ حرمة فاضل الأجرة بعناوين خاصةٍ ربما تقتصر على الأربعة، وربما تتسع لتشمل أكثر من ذلك بحيث تطابق ما ذكرته الروايات.
 وثانياً: سوف يظهر من الجمع ما بين بعض تلك الطوائف الظاهرة في التنافي، أن الإقتصار على بعض تلك العناوين دون كل ما تعرضت له الروايات إما لقصورٍ في السند، أو عدم وضوح الدلالة على المدعى، أو أنه مقتضى الجمع ما بين تلك الطوائف المتنافية.
 وأما ذكره من حلٍّ فيُلاحظ عليه أولاً: إنه خلاف ظهور العناوين المذكورة في الروايات بالموضوعية، حيث إن حملها على المثالية لمطلق العين المستأجرة فيه إلغاءٌ لخصوصية العناوين المذكورة في الروايات.
 وثانياً: إن استفادة الإقتصار بحرمة فاضل الأجرة على العناوين المذكورة كان من باب التمسك بالإطلاق المقامي لمثل رواية إسحاق بن عمار التي وثَّقها السيد الأستاذ، حيث أثبت الإمام عليه السلام بأس فاضل الأجرة في العناوين المذكورة ما لم يُحدث فيها حدثاً، ومقتضى الإطلاق المقامي نفي البأس عن فاضل الأجرة في غير العناوين المذكورة في رواية إسحاق بن عمار وأمثالها، فالمعتمد هو الإطلاق المقامي وظهور العناوين المذكورة في الموضوعية، وليس مجرد إعمال المناسبات العرفية والنكات الإرتكازية.
 وأما ما ذكره السيد الأستاذ من قرائن في الروايات يظهر منها إعطاء الضابطة الكليَّة وهي:
 القرينة الأولى:عطف بعض العناوين على بعضٍ رغم عدم وجود جامعٍ بين العناوين المعطوفة إلا كونها متعلقاتٍ للإجارة من دون وجود خصوصيةٍ زائدةٍ تقتضي اشتراك العناوين المذكورة فيها، إلا أن الإمام عليه السلام بصدد ذكر أصناف الأعيان التي تقع مورداً للإجارة؛ فذكر السفينة التي هي مثالٌ لما يُنتفع بالركوب عليه، والأرض التي يكون الغرض منها الإنتاج، والدار التي يكون الغرض منها السكنى، وأنه لا اختصاص للحكم المذكور بصنفٍ خاصٍ منها، ونكتة ذلك أنه لدينا حكمٌ واحدٌ فلا بدَّ له من موضوعٍ واحدٍ يكون هو الجامع ما بين هذه العناوين، ولا جامع فيما بينها إلا كل ما يقع من أعيانٍ وأعمالٍ متعلّقاً للإجارة.
 القرينة الثانية: قد اشتملت بعض الروايات على التعليل من قبيل نفي البأس عن فاضل الأجرة في إجارة الأعمال معلِّلاً ذلك بأنه قد عُمل فيه، وكذلك في إجارة الأعيان؛ حيث قال عليه السلام في موَّثقة سماعة: "لأنه قد عمل فيه عملاً فبذلك يصلح"، وحملُه على التعليل في خصوص المورد- الأجير والمرعى خلف كونه تعليلاً.
 القرينة الثالثة: ظهور السؤال والجواب في أن الجهة المسؤول عنها هي فاضل الأجرة، وأما خصوصية المورد فلا دخل لها في الحكم المسؤول عنه، وإنما هي من باب المثال، فخصوصية المورد لا تضيِّق الوارد بخصوص مفروض السؤال، وإنما تُحمل على المثالية لمطلق إجارة أعيانٍ أو أعمالٍ طالما أن الحيثية المسؤول والمجاب عنها محفوظةٌ وهي صلوح أخذ فاضل الأجرة.
 سوف يأتي ما في هذه القرائن والحمد لله رب العالمين.