الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة \ تأجير العين المستأجرة بأقل مما استؤجرت
  الطائفة الرابعة: ما أجاز فاضل الأجرة في مثل المزارعة دونها في مثل الإجارة، وهي :
 الرواية الأولى: محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن عبد الكريم ، عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فأقبلها بالنصف. قال: (لا بأس به. قلت: فأتقبلها بألف درهمٍ وأقبلها بألفين. قال: لا يجوز. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا مضمونٌ وذاك غير مضمونٍ.) [1] ، ودلالتها واضحةٌ على المدَّعى مضافاً إلى صحة سندها.
 الرواية الثانية: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا تقبلت أرضاً بذهبٍ أو فضةٍ فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به، وإن تقبلتها بالنصف والثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها به، لأن الذهب والفضة مضمونان.) [2]
 والرواية تامة السند واضحة الدلالة، مع بيان نكتة التعليل.
 الرواية الثالثة: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصيرٍ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا تقبلت أرضاً بذهبٍ أو فضةٍ فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به، لأن الذهب والفضة مصمتان أي لا يزيدان.) [3]
 . والدلالة ظاهرةٌ كما أن السند صحيحٌ.
 الطائفة الخامسة: ما يظهر منه عدم جواز الفاضل في الأرض سواءً كانت بنحو الإجارة أو المزارعة،
 وهي رواية واحدة : ما عن محمد بن يعقوب ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (سألته عن الرجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماةٍ أو بطعامٍ مسمَّى، ثم آجرها وشرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقل من ذلك أو أكثر، وله في الأرض بعد ذلك فضلٌ أيصلح له ذلك؟ قال: نعم إذا حفر لهم نهراً أو عمل لهم شيئاً يعينهم بذلك فله ذلك. قال: وسألته عن الرجل استأجر أرضاً من أرض الخراج بدراهم مسماةٍ أو بطعامٍ معلومٍ فيؤاجرها قطعةً قطعة، أو جريباً جريباً بشيءٍ معلومٍ فيكون له فضلٌ فيما استأجر من السلطان، ولا ينفق شيئاً، أو يؤاجر تلك الأرض قطعاً على أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له في ذلك فضلٌ على إجارته وله تربة الأرض أو ليست له. فقال له: إذا استأجرت أرضاً فأنفقت فيها شيئاً أو رممت فيها فلا بأس فيما ذكرت.) [4]
 وهذه الرواية ضعيفة بعبد الله بن محمد وهو ابن عيسى أخو محمد بن عيسى، وسواء كان لقبه بنان بن عيسى أو لم يكن لم يوثق، وليس هو عبد الله بن محمد المعروف بالحجال والتمييز على أساس الطبقة لمن تأمل.
 بعد استعراض الروايات يقع البحث ضمن جهات:
 الجهة الأولى: ما ذكره الماتن من اختصاص حرمة فاضل الأجرة بالعناوين المذكورة في الروايات، ولا يُستفاد منها قاعدةً كليَّةً في باب الإجارة تحرِّم فاضل الأجرة سواءٌ في إجارة الأعمال أو الأعيان، وسواءٌ كان بالعناوين المذكورة أم غيرها، وما يصلح لأن يكون دليلاً على المدَّعى عبارةٌ عن أمور:
 الأمر الأول: أن الحكم بحرمة فاضل الأجرة لما كان على خلاف ما تقتضيه القاعدة، وخلاف إطلاقات أدلة الصحة فلا بدَّ أن يُقتصر على الموارد المذكورة في الروايات.
 وإن شئت قلت: إن المرجع هو إطلاق أدلة حليَّة فاضل الأجرة، بعد أن كان ذلك موافقاً للقواعد العامة رفعنا اليد عن الإطلاق بمقدار ما دلَّ عليه المخصِّص، وما زاد على ذلك نرجع إلى مطلقات أدلة الصحة.
 وأورد عليه السيد الأستاذ تارةً: بالنقض بالمنع في المرعى أيضاً رغم أنه ليس من المذكورات،
 وأخرى بالحلِّ: وهو أن الحكم رغم أنه على خلاف القاعدة وإطلاقات الأدلة، إلا أنه لا يعني الاقتصار على العناوين المذكورة، لأن نكتة الحكم بحسب المناسبات تحريم فاضل الأجرة ما لم يُحدث حدثاً أو يغرم غرامةً، وهذه النكتة لا تختص بالمذكورات في المتن بل هي سيَّالةٌ لكل فاضل أجرةٍ بلا فرقٍ بين إجارة عينٍ وعينٍ وعملٍ آخر،
  وثالثة: وجود ثمة قرائن في الروايات يظهر منها إعطاء الضابطة الكليَّة وهي:
 القرينة الأولى:عطف بعض العناوين على بعضٍ رغم عدم وجود جامعٍ بين العناوين المعطوفة إلا كونها متعلقاتٍ للإجارة من دون وجود خصوصيةٍ زائدةٍ تقتضي اشتراك العناوين المذكورة فيها، إلا أن الإمام عليه السلام بصدد ذكر أصناف الأعيان التي تقع مورداً للإجارة؛ فذكر السفينة التي هي مثالٌ لما يُنتفع بالركوب عليه، والأرض التي يكون الغرض منها الإنتاج، والدار التي يكون الغرض منها السكنى، وأنه لا اختصاص للحكم المذكور بصنفٍ خاصٍ منها، ونكتة ذلك أنه لدينا حكمٌ واحدٌ فلا بدَّ له من موضوعٍ واحدٍ يكون هو الجامع ما بين هذه العناوين، ولا جامع فيما بينها إلا كل ما يقع من أعيانٍ وأعمالٍ متعلّقاً للإجارة.
 مضافاً إلى بقية القرائن كما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 261 باب 21 ح 1
[2] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 261 باب 21 ح 2
[3] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 261 باب 21 ح 6
[4] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 261 باب 21 ح 4 و 5