الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة \ تأجير العين المستأجرة بأقل مما استؤجرت
 الكلام في الطائفة الثالثة: التفصيل بين بعض العناوين الآنفة الذكر.
 الرواية الأولى: عن علي بن بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغرا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يؤاجر الأرض ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها، قال: (لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الأجير، إن فضل الحانوت والأجير حرامٌ.) [1]
 الرواية الثانية: محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين ثم يؤاجرها بأكثر مما تقبلها به ويقوم فيها بحظ السلطان، فقال: (لا بأس به إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت، إن فضل الأجير والبيت حرامٌ.)
 وفي طريقٍ آخر وهو ما رواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله ، وزاد : (ولو أن رجلاً استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأسٌ، ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها.) [2]
 ثم إن هذه الرواية قد وردت في التهذيب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع عن أبي عبد الله عليه السلام، وقد أسندها الصدوق في الفقيه إلى خالد بن جرير عن أبي عبد الله عليه السلام، حيث يمكن التعويل على إسناد الصدوق في الفقيه إلى خالد بن جرير عن أبي عبد الله عليه السلام، وليس في السند أبو الربيع الشامي، والطريق صحيحٌ.
 والبحث تارةً: يقع في سند هذه الطائفة،
 وأخرى: في دلالتها.
 أما الرواية الأولى: فتامة السند، فأبو المغرا هو حميد بن المثنى الصيرفي الذي لا إشكال في وثاقته.
  وأما دلالتها: فقد دلَّت على جواز أخذ فاضل الأجرة على الأرض حتى لو لم يحدث فيها حدثاً، ولم يغرم فيها غرامةً، بخلاف الحانوت والأجير حيث حرَّم عليه السلام فاضل الأجرة فيهما.
 وأما الرواية الثانية: فالبحث تارةً في سندها، وأخرى في الدلالة.
 أما السند: فرغم اشتمال إسناد الكليني على سهل بن زياد إلا أنه يوجد في عرضه أحمد بن محمد وهو ثقةٌ، وإنما الكلام تارةً في خالد بن جرير، وأخرى في أبي الربيع المنصرف إلى الشامي.
 أما خالد بن جرير: فما يصلح لأن يكون دليلاً على وثاقته مجموعة نكاتٍ:
  1- أنه روى عنه الحسن بن محبوب الذي هو من أصحاب الإجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وأجمعوا لهم بالفقه والعلم.
 2- رواية جعفر بن بشير عنه، المعروف بروايته عن الثقات وروايتهم عنه.قال النجاشي في رجاله: (ومات جعفر رحمه الله بالابواء سنة ثمان ومائتين كان أبو العباس بن نوح يقول : كان يلقب فقحة العلم ، روى عن الثقات ورووا عنه .) [3]
 3- الرواية الطويلة التي عرض فيها معتقده على الإمام عليه السلام.
 4-ما ذكره الكشي حيث قال: خالد بن جرير البجلي: محمد بن مسعود، قال: سألت علي بن الحسن عن خالد بن جرير الذي يروي عنه الحسن بن محبوب فقال: كان من بجيلة وكان صالحاً.
 أما النكتة الأولى: فقد ظهر الجواب عنها مما سبق، وأن ما ذكر كان بصدد الإقرار لهم بالمكانة العلمية ولا ربط لها بتوثيق من يروون عنه بسندٍ صحيحٍ.
 وهكذا الثانية: لا سيما أنه روى عن غير الثقة.
 وكذا النكتة الثالثة: فإنها لا تدل على أكثر من حسن معتقده،
 والتام من هذه النكات هي الرابعة ولا ينبغي التشكيك بها.
 وأما بالنسبة لأبي الربيع: فإنه ينصرف إلى الشامي لكونه المعروف بذلك وغيره لا وجود له؛ وهو خالد أو خليد بن أوفى الشامي العنزي، هكذا ضُبط في كتب الرجال، لا خالد بن أرقى خلافاً للعلّامة في خلاصته.
 والطريق إلى توثيقه:
  تارةً: بوقوعه في تفسير علي بن إبراهيم،
 وأخرى: رواية الصدوق في الفقيه عن كتابٍ وذكر طريقه إليه في مشيخة الفقيه، وهذا نحو اعتمادٍ عليه لا سيما مع ما ذكره في أول الفقيه أنه لا يروي إلا عن كتابٍ معتمدٍ.
 وثالثة: رواية الحسن بن محبوب بسندٍ صحيحٍ عنه، بل قد أكثر الرواية عنه.
 ورابعة: كونه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام الذين شهد الشيخ المفيد بأن أربعة آلاف رجلٍ من أصحابه ثقاتٌ، مع أن الموجود بأيدينا لا يتجاوز ثلاثة آلاف، حيث قال في الإرشاد: (إن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه عليه السلام من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف) [4] .
 وخامسة: بما رواه الصدوق في العلل [5] (ج 1 باب 77 ح 7) عن محمد بن الحسن عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن البزنطي عن أبي الربيع وأبان إلخ.. وحاصل ذلك رواية أحد الأجلاء عنه بسندٍ معتبرٍ، لا سيما أنه مع إطلاق أبي الربيع ينصرف إلى الشامي من مثل الصدوق في مصنفاته.
 هذا وسوف يأتي ما في هذه النكات، والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل ( الإسلامية ) ج 13 ص 260 ح 4
[2] - الوسائل ( الإسلامية ) ج 13 ص 260 ح 2 و3
[3] - رجال النجاشي ص 119
[4] - الإرشاد ص 259
[5] - علل الشرائع ج 1 باب 77 ح 7