الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 كان الكلام في مناقشة الوجه الثاني الذي أفاده السيد الخوئي وقلنا بأن الصحيح أن يناقش بأمور وذكرنا المناقشة الأولى وهي أننا نختار الوجوب المشروط لخطاب الوفاء بالعقد بنحو الترتُّب من دون أن يلزم منه التعليق في العقود المجمَع على بطلانه، والمناقشة الثانية وهي أن ما علل به من المنافاة مع وجوب الوفاء بالشرط لامتناع اجتماع الوجوبين معاً غير صحيحٍ، وذلك لوضوح أن امتناع الجمع بين الوجوبين يقضي بعدم إمكان امتثالهما معاً ولا ربط لذلك بعدم جواز الإجارة الثانية وضعاً.
 وبقيت المناقشة الثالثة وهي: إن ما ذكره من المنافاة ما بين وجوب الوفاء بالشرط ووجوب الوفاء بالعقد؛ من اقتضاء الأول مباشرة الاستيفاء بنفسه، واقتضاء الثاني مباشرة الغير غير تامٍ، لعدم كونه ملزَماً بموجب الشرط مباشرة الاستيفاء بحيث لو لم يباشره يكون مأثوماً لمخالفة الشرط، وإنما مضمونه أن لا يباشر الغير، وهكذا فإنه بمقتضى الإجارة الثانية لا يكون الغير ملزَماً باستيفاء المنفعة حتى إذا ما استوفاها غيره لا يكون قد عمل بمقتضى وجوب الوفاء بالعقد بلحاظ الإجارة الثانية، وإنما الصحيح التعبير بأن مفاد الشرط أن لا يستوفي الغير المنفعة ومقتضى وجوب الوفاء بالإجارة الثانية أن للغير حق استيفاء المنفعة حتى لو لم يستوفها، هذا هو منشأ المنافاة وعدم إمكان الجمع بينهما في مقام الامتثال.
 ثم إن هذا الوجه هو الذي ذكره صاحب الجواهر في الصورة الثانية كما أشرنا فيما سبق، وقد هذَّبه السيد الخوئي وأضاف إليه ما تقدَّم ، وقد عرفت فيما سبق الوجه في الجواب عنه وعن سائر الوجوه الأربعة التي تتأتَّى هنا.
 بقي في هذه الصورة وجه ثالث: -يترتب على الوجه الأول الذي ذكره السيد الحكيم -سلمنا عدم حرمة المنفعة وإنما المحرم الاستيفاء بنفسه مما يعني حرمة التسليم وعدم القدرة عليه مع أنه يشترط في صحة الإجارة القدرة على التسليم ولو شرعاً باعتبار أن الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً.
 وفيه: أولاً: انه سبق أن الشرط ليس القدرة على التسليم وإنما على التسلم بل حتى القدرة على التسليم شرط طريقي لاستيفاء المنفعة فلو كان بوسعه استيفاء المنفعة حتى مع عدم القدرة على التسليم ولا التسلم فإن الإجارة صحيحة.
 ثانياً: إن ما هو شرط في صحة الإجارة القدرة ذاتاً وتكويناً لا الأعم منها ومن القدرة الشرعية كما سبق.
 والحمد لله رب العالمين.