الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 قلنا بأن ما تقدم كله كان فيما لو كانت الإجارة الأولى مطلقةً ولم يشترط فيها المباشرة.
 وأما لو اشترط المباشرة فقد ذكر الماتن صوراً أربعةً:
  1. ما لو كانت مباشرة المستأجِر الأول قيداً في مصبِّ الإجارة الأولى، بأن كان المملَّك بموجب الإجارة الأولى الحصة الخاصة من المنفعة المقيَّدة بأن يكون المستوفي للمنفعة المستأجِر الأول ليس إلا.
  2. أن يكون المملَّك بموجب الإجارة الأولى مطلق المنفعة لا الحصة الخاصة منها، إلا أنه اشترط عليه أن لا يؤجِّرها من الغير.
  3. أن يشترط بحسب تعبير الماتن استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه؛ بمعنى أن يكون استيفاء المنفعة لنفسه لا للغير، وأن يكون المباشر للاستيفاء لنفسه هو لا الغير، لا أن يكون استيفاء المنفعة لغيره ولو كان المباشر للاستيفاء هو بنفسه، ولا أن يكون استيفاء المنفعة لنفسه ولو بمباشرة الغير، فضلاً عمَّا إذا كان استيفاء المنفعة للغير بواسطة ذلك الغير بأن يكون هو المباشر للاستيفاء.
  4. أن يشترط استيفاء المنفعة بنفسه سواءٌ لنفسه أو للغير، بحيث يكون له تمليك المنفعة للغير بإجارةٍ أو عاريةٍ، إلا أنه ليس له تسليم العين للغير لاستيفاء المنفعة، وإنما يباشر المستأجِر الأول بنفسه استيفاء الغير منفعة العين كركوب الغير أو حمل متاعه على الدابة ويكون هو المباشِر للاستيفاء وقيادة زمام الدابة بأن تكون تحت يده.
 أما الصورة الأولى:
 فقد يقال: -كما عن إجارة المحقِّق الأصفهاني- بعدم إمكان التقييد لأن منفعة الدار عبارةٌ عن الحيثية القائمة بها، لا ما هو قائمٌ بشخص المستوفي للمنفعة، فإن المنفعة المملَّكة بإجارة الدار ليس سكنى الدار كعرضٍ قائمٍ بالساكن، وإنما قابلية الدار لأن يُسكن فيها، فالمملوك بالإجارة حيثية المسكونية والقابلية، وهذه الحيثية جزئيةٌ بجزئية ما تقوم به فلا تكون قابلةً لأن يرد عليها التقييد.
 وفيه: إنه يُعقل التقييد رغم جزئية حيثية قابلية السكنى إلا أنها بملاحظة سكنى المستأجِر الأول أو الثاني، وهكذا تكون كليةً بمعنى قابليتها للإضافة إليها ولأنه تتقوَّم بها بحيث تكون مسكونية الدار بالقوة بلحاظ المستأجِر الأول غيرها بلحاظ الثاني وهكذا، ولذا تكون قابلةً للتقييد.
 والإشكال مع جوابه يذكِّرنا ببحث الحروف وملحقاتها من الهيئات وغير ذلك لو كان المختار فيها الوضع العام والموضوع له الخاص من جهة قابليتها للتقييد والتخصيص رغم أن الموضوع خاصٌ جزئي.
 وقد حكم الماتن في هذه الصورة: تكليفاً بعدم جواز إجارتها من الغير، ووضعاً ببطلان الإجارة الثانية لأنه بموجب الإجارة الأولى لم يكن مالكاً إلا منفعة ركوب نفسه بمقتضى القيد من دون أن يملك منفعة ركوب الغير ببركة الإجارة الأولى، فلا تصح الإجارة الثانية لاختلال ركنها وهو ملكية المؤجِّر المنفعة ولو ببركة عقد الإجارة، والإجارة الأولى أنما ملَّكته شخص منفعة ركوب نفسه ولم تملِّكه منفعة ركوب الغير حتى يملِّكها من ذلك الغير بالإجارة الثانية، فلذا تبطل الإجارة الثانية مع وجود مثل هذا القيد.
 واستثنى من ذلك أمثال السيد الخوئي: ما لو كانت الإجارة الثانية لأجل انتفاع المستأجِر الأول، كما لو كان المستأجِر الأول الزوجة فآجرت الدار من الزوج من أجل سكنها هي بنفسها فلا محذور في الإجارة الثانية حيث إنها تمليكٌ للزوج شخص الحصة من المنفعة التي ملكتها الزوجة ببركة الإجارة الأولى.
 وسوف تأتي تتمة الكلام والحمد لله رب العالمين