الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/04/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق
 الكلام في الروايات:
 منها: ما رواه الصدوق بإسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان وقال في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه قال : هو مؤتمن .) [1] وقلنا بأنها تامة السند، هذا في شرط الفعل وتدارك الخسارة أما في شرط النتيجة وقد تقدم ضمن البحوث السابقة ما ينفع في المطلب، وأنه لا محذور من هذا السنخ من الشروط، غير أن صاحب الجواهر [2] استدل على الضمان في المقام بظهور مفهوم التعليل الوارد في خبر إسحاق بن عمار محمد بن الحسن بإسناده عن الصفار ، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول : (لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب ، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام ، ولم يأخذ على الثياب) [3]
 ومثله خبر أبي البختري وهب بن وهب أكذب البرية- عن عبد الله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر عن أبيه ، عن علي عليهم السلام (انه كان لا يضمن صاحب الحمام وقال : إنما يأخذ الأجر على الدخول إلى الحمام .) [4]
 حيث دل التعليل الوارد في رواية إسحاق بن عمار بالمفهوم على الضمان فيما إذا كان الأجر بإزاء الثياب بحيث كان الأجير مأموراً بحفظها.
 ثم إن صاحب الجواهر: قد أوقع المعارضة ما بين مفهوم رواية إسحاق بن عمار وصحيحة حماد وبعد التساقط يرجع إلى عمومات عدم ضمان الأمين.
  وتابعه على ذلك السيد الخوئي: شرط أن يستقر التعارض ولا يكون نظر الرواية المثبتة للضمان بمفهوم التعليل إلى أنها قضية في واقعة، وذلك فيما هو جارٍ من عرف في بعض الحمامات في قديم الزمان، حيث لا يكون صاحب الحمام موجوداً وإنما يدخل المستفيد من الحمام فيستوفي المنفعة من الحمام ثم يضع الأجرة في كوز الحمامي ويذهب لشأنه فلو سرقت ثيابه والحال هذه فإن صاحب الحمام لا يضمن حيث لم يُستأمن على الثياب حتى إذا سرقت يضمنها، فإن أخذ الأجرة بإزاء محض الدخول، وتكون أجنبية عما نحن فيه بالكلية.
 وأورد السيد الأستاذ تبعاً للمحقق الأصفهاني في إجارته على ذلك: بعدم تمامية المعارضة لأن منطوق صحيح حماد الحلبي بحسب تعبير السيد الأستاذ- أخص مطلقاً من مفهوم هذه الرواية لوروده في التلف وعدم التفريط وأما المفهوم لهذه الرواية أعم من ذلك فيخصص المفهوم بمنطوق الصحيحة.
 ثم لو فرض التعارض والتساقط فليس المرجع عمومات عدم ضمان الأمين لأن النسبة بين تلك العمومات وبين عموم مفهوم التعليل العموم الوجهي لشموله حالة التعدي والتفريط بخلاف تلك العمومات. [5]
 ثم أفاد دام ظله: أنه يُمكن التعويض عن ذلك بالرجوع إلى استصحاب عدم الضمان لو قلنا بجريانه في الشبهات الحكمية.
 أقول: البحث تارة في سند هذه الروايات وأخرى في دلالتها:
 أما الأول: فإن رواية الحلبي أو حماد التي نفت الضمان عن الأجير لأنه مؤتمن، تامة السند سواء في الفقيه أو التهذيب.
  وإنما الكلام في رواية إسحاق بن عمار، وفي رواية وهب ابن وهب، وفي رواية ابن مسكان أعني عبد الله ، وفي وراية السكوني الدالة بمفهوم التعليل على الضمان.
  أما رواية إسحاق بن عمار فتارة الإشكال في أحمد بن الحسن بن الوليد الواقع في طريق الشيخ إلى الصفار وأخرى في غياث بن كلوب بن فَيْهس البجلي حيث لم يوثق،
 وأما رواية أبي البختري وهب بن وهب فإنه أكذب البرية
 وأما إسناد الصدوق إلى ابن مسكان فهو تام إلا أنه لم يعثر على هذه الرواية في كتاب الفقيه وإنما ذكر ذلك صاحب الوسائل ج 13 ص 271 باب 28 من أحكام الإجارة،
 وأما رواية السكوني فلم أعثر عليها في كتب الحديث برغم أن صاحب الحدائق ج 21 ص 628 ذكر الرواية ونسبها إلى السكوني، وهكذا فعل صاحب الجواهر وصاحب جامع المدارك الخونساري والسيد الكلبيكاني في تعليقته على العروة ج 5 ص 18، وآخرون.
 والحاصل: أنه لا دليل على ثبوت التعليل حتى يُستدل بمفهومه على ثبوت الضمان في صورة تقاضي الأجر على حفظ المتاع، فتبقى صحيحة الحلبي أو حماد الدالة على نفي الضمان عن المؤتمن تامة بلا معارض.
 وأما بحسب الدلالة: لو تم سند رواية إسحاق بن عمار، أنه لو أخذ الحمامي الأجرة على حفظ الثياب كان مكلفاً بحفظها، فترك التحفظ عليها تفريط يوجب صيرورة يده عدوانية، بخلاف ما لو يكن حفظ الثياب على عهدته لا من حيث الإيداع ولا الإجارة على الحفظ فإنه لا موجب لضمانها فيما لو سرقت، مع أن رواية الحلبي نفت الضمان والحال هذه حيث أخذ الجُعل على حفظ متاع المستأجر وكان مكلفاً بحفظها وفي عهدته ولو من خلال الإجارة على الحفظ.
 حيث أفاد المحقق الأصفهاني وتابعه على ذلك صاحب فقه الصادق: بأن الأجير حيث إنه مكلف بحفظ الثياب عما يمكن التحفظ منه بحيث لو تلفت بآفة سماوية أو بما غلب عليه كالسرقة غيلة مع كمال التحفظ عليها فإنه لا ضمان، وهذا بخلاف ما إذا ترك التحفظ عليها فضاعت أو سرقت فإنه يضمن وهكذا فيما لو شرط عليه الضمان.
 أقول: وهذا ما صنعه السيد الأستاذ بالنسبة لصحيحة الحلبي حيث أفاد أن منطوقها أخص مطلقاً من مفهوم رواية إسحاق بن عمار لورودها في التلف وعدم التفريط بينما مفهوم هذا التعليل أعم من ذلك.
 وتأتي تتمة الكلام والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 228
[2] - جواهر الكلام ج 27 ص 331
[3] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 271
[4] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 271
[5] - - كتاب الإجارة ص 293 وراجع ص 165