الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/02/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ لو أفسد الطبيب المعالج المريض
 الكلام في المسألة الخامسة وهي فيما لو أفسد الطبيب المعالج المريض وقد ذكر الماتن صورتين صورة المباشرة وصورة ما لو لم يكن مباشراً بأن كان سبباً.
 أما في صورة المباشرة: فلو أفسد الطبيب فإنه يكون موجبا للضمان ما لم يأخذ البراءة من المريض، والفرض أنه لا بد أن يكون قد تجاوز الحد ولو خطأ، فإنه يضمن، وذلك لدليلين:
 الأول: صدق الإتلاف عليه وصحة استناده إليه فتشمله القاعدة لو قلنا بعمومها للأنفس والدماء على حد شمولها للأموال، وإلا فإن المستند أدلة الجرح والقتل حيث لا شك في شمولها له.
 الثاني: الاستدلال بالروايات،
 منها: ما عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : (من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه ، وإلا فهو له ضامن) [1] .
 ومنها: ما بإسناد الشيخ في التهذيب عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه: (أن عليا ( عليه السلام ) ضمَّن ختانا قطع حشفة غلام) [2] . والقدر المتيقن منه صورة الإفساد، وهي وإن كانت واردة في مورد الختان لكن بإلغاء الخصوصية يُتعدى إلى سائر موارد الطبابة.
 إلا أنه يلاحظ على هذه الرواية: بأنها قضية في واقعة لا نُحيط بملابساتها والتي على ضوئها ضمَّن أمير المؤمنين عليه السلام الختَّانَ الذي قطع حشفة الغلام، نعم كما ذكر المستدل فإن القدر المتيقن منها صورة الإفساد وفرض التجاوز عن الحد المتعارف والمأذون به.
 ثم إن السيد الخوئي: عمم الحكم بالضمان حتى لغير صورة الإفساد وتجاوز الحد ما لم يأخذ البراءة من المريض، وذلك فيما لو كان التلف مستنداً إلى ضعف المريض وعدم قابليته للعلاج، تمسكاً بالرواية الأولى وهي تامة السند فإن النوفلي ورد في أسانيد كامل الزيارات فيشمله التوثيق العام الموجود فيه.
 نعم قد ينسب خلاف ذلك إلى بعض الفقهاء: ضرورة أنه في هذه الصورة كان الطبيب المعالج مأذوناً من المريض أو من وليه والتلف لم يستند إلى إتلافه ولا إلى مجاوزة الحد، وإنما إلى ضعف وتدهور في الوضع الصحي للمريض فالإتلاف كان مأذوناً به فلا ينبغي الحكم بالضمان.
 وفيه: إن الإذن كان في العلاج لا في الإفساد، هكذا أجاب السيد الخوئي تبعاً للسيد الحكيم في المستمسك إلا أن الصحيح في الجواب هو أنه لا إذن في المقام حتى لو صدر الإذن منه إذ لا أهلية له حيث لا ينبغي مقايسة باب الدماء والأنفس بالأموال، فإن السلطنة والولاية ثابتة بخلافه في باب الدماء حيث ليس له الولاية على ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الصحي المتدهور للمريض.
 وأورد السيد الأستاذ: أولا: إن الرواية غير مختصة بضمان الدية بل تشمل ضمان الأموال أيضا لأنها وردت في البيطرة التي تكون في الحيوانات، ويكون الضمان فيها لقيمتها، ولازم ذلك أنه حتى في باب الأموال لو لم يأخذ البراءة من الولي يُحكم بالضمان لو حصل التلف، فلا معنى للتفصيل بين الأموال والدماء.
 أما ثانياً: فيأتي والحمد لله رب العالمين.


[1] - الوسائل ج 29 ص 261
[2] - ن . م