الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة
 كان الكلام في الروايات وقلنا بأنها على طوائف وانتهينا إلى الرواية الثالثة من الطائفة الأولى وهذه الرواية غير تامة السند، وذلك لأن صاحب الوسائل تارة يروي عن كتاب علي بن جعفر بما انتهى إليه من نسخة الكتاب، وأخرى يروي عن الكتاب بإسناده إلى الشيخ وبإسناد الشيخ إلى على بن جعفر أما إسناده إلى الشيخ فتام. وهكذا إسناد الشيخ إلى علي بن جعفر أيضا تام حيث يذكر الشيخ في ترجمة علي بن جعفر:(له كتاب المناسك ومسائل لأخيه موسى الكاظم بن جعفر عليه السلام سأله عنها اخبرنا بذلك جماعة عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن محمد بن يحي عن العمركي الخراساني البوفكي عن علي بن جعفر وذكر أيضا طريقا آخر) إلا أن رواية صاحب الوسائل عن الكتاب لم يكن بالإسناد إلى كتاب إلى علي بن جعفر وإنما الرواية عن النسخة التي انتهت إليه ولا يعلم مطابقتها للكتاب.
 إن قلت: هذا الإشكال إن تم عمَّ، حيث ينسحب على نسخ الكتب الأربعة التي كانت متواجدة في أيام صاحب الوسائل وفي يومنا هذا وهو كما ترى.
 قلت: إن نسخ الكتب الأربعة انتهت إلى صاحب الوسائل والينا بالتواتر بخلاف كتاب علي بن جعفر وغيره، فانه من الكتب التي اندثرت آثارها ثم ظهرت فجأة في أزمنة متأخرة، فالرواية رغم كونها تامة الدلالة ضعيفة السند.
 الرواية الرابعة: محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : ( سألته عن رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت ما عليه ؟ قال : إن كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها ، وإن لم يسم فليس عليه شئ ) [1] وهي تامة السند، وصريحة الدلالة.
 وأما الطائفة الثانية: وهي التي استدل بمفهومها على نفي الضمان عن المستأجر.
 الرواية الأولى: وعن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ابن عثمان ، عن الحسن الصيقل قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في رجل اكترى دابة إلى مكان معلوم فجاوزه قال: يحسب له الأجر بقدر ما جاوزه ، وإن عطب الحمار فهو ضامن) [2] . وهي غير تامة السند بالحسن بن زياد الصيقل حيث لم يوثق،ودلالتها بالمفهوم على نفي الضمان واضحة.
 الرواية الثانية: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الميثمي ، عن أبان ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ( في رجل اكترى من رجل دابة إلى موضع فجاز الموضع الذي تكاري إليه فنفقت الدابة ، قال : هو ضامن وعليه الكراء بقدر ذلك) [3] .وهي غير تامة السند لما تقدم من كون الصيقل لم يوثق، وأما الدلالة فواضحة.
 الرواية الثالثة: محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال: ( اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا وخرجت في طلب غريم لي ، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل ، فتوجهت نحو النيل ، فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد ، فاتبعته وظفرت به ، وفرغت مما بيني وبينه ، ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضه ، فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل ، فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة ، وأخبره الرجل ، فقال لي : ما صنعت بالبغل ؟ فقلت : قد دفعته إليه سليما ، قال : نعم بعد خمسة عشر يوما ، قال : فما تريد من الرجل ؟ فقال : أريد كراء بغلي ، فقد حبسه على خمسة عشر يوما ، فقال : ما أرى لك حقا ، لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة ، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل ، وسقط الكراء فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكراء ، قال : فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة ، فأعطيته شيئا وتحللت منه ، وحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام بما أفتى به أبو حنيفة فقال : في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها ، وتمنع الأرض بركتها ، قال : فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : فما ترى أنت ؟ فقال : أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ، ومثل كراء بغل راكبا من النيل إلى بغداد ، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه ، قال : فقلت جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه ؟ فقال : لا ، لأنك غاصب ، قال : فقلت له : أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال : نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت : فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز ، فقال : عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه فقلت : من يعرف ذلك ؟ قال : أنت وهو ، إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك ، فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك ، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمه البغل حين اكترى كذا وكذا فيلزمك ، فقلت : إني كنت أعطيته دراهم ورضى بها وحللني ، فقال : إنما رضى بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك) [4] .وهي تامة السند.
 والاستدلال بقوله (نعم قيمة بغل يوم خالفته).فان يوم خالفته سواء كان قيدا للقيمة أو للتضمين فان الضمان ثبت يوم المخالفة وأما قبله فلا ضمان وهو المطلوب.
 الرواية الرابعة: محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي المغرا عن الحلبي قال : ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تكاري دابة إلى مكان معلوم فنفقت الدابة ، فقال : إن كان جاز الشرط فهو ضامن ، وإن كان دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن ، وإن وقعت في بئر ضامن لأنه لم يستوثق منها) [5]
 وهي تامة السند فان أبي المغرا هو حميد بن المثنى وقد وثقه النجاشي والدلالة واضحة حيث دلت بالمفهوم على نفي الضمان فيما لو لم يجاوز الشرط ولم يفرط في حفظها
  الرواية الخامسة: علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال : ( سألته عن رجل اكترى دابة إلى مكان فجاز ذلك المكان فنفقت ما عليه ؟ فقال : إذا كان جاز المكان الذي استأجر إليه فهو ضامن) [6] وقد مر الكلام في سندها ودلالته على نفي الضمان بالمفهوم ظاهرة .
 الرواية السادسة: وعن محمد بن علي بن محبوب ، عن أبي الجوزا ، عن الحسين ابن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام قال : ( أتاه رجل تكاري دابة فهلكت وأقر أنه جاز بها الوقت فضمنه الثمن ولم يجعل عليه كراء) [7] .
 وهي غير تامة السند لعدة مجاهيل منهم الحسين بن علون وما ورد في رجال النجاشي من ترجمته حيث قال (الحسين بن علوان أخوه الحسن ثقة) فهو توثيق لأخيه وليس له، خلافا للسيد الخوئي حيث استظهر انه توثيق للحسين وهو بعيد لان الأقرب يمنع الأبعد، رغم أن المعنون له هو الحسين بن علوان!.
 والحمد لله رب العالمين


[1] الوسائل (آل البيت ) ج 19 ص 118
[2] - ن . م ص 121
[3] - ن . م ص 122
[4] - ن . م ص 119
[5] - ن . م ص 122
[6] - ن . م ص 122
[7] - ن . م