الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إجارة المشاع
  الكلام في المسألة الثامنة عشر والتي قلنا بأنها من متممات المسألة السابعة عشر وهي فيما يرتبط بتقسيم المشاع وقد استعرض الماتن في هذه المسألة أربعة صور:
 الصورة الأولى: ما لو استأجر اثنان دارا على الإشاعة فلا شك في صحة الإجارة لتمامية المقتضي وعدم المانع إلا ما تقدم وقد ظهر جوابه، وفي مقام الاقتسام إما أن يكون بالتراضي فيأخذ احدهما الحصة الشرقية والآخر الحصة الغربية أو العكس وان لم يتراضيا فيقترع بينهما لأن القرعة لكل أمر مشكل أو مشتبه.
 وقد يناقش ولو بقرينة ذيل بعض روايات القرعة، بان القرعة قد تخطأ الواقع لأنه ربما يكون الواقع غير ما كشفت عنه القرعة وبالتالي لا تشمل المورد لأن الواقع لا يتعدى الشريكين، فلسان القرعة هي الكشف عن الواقع فقد تصيبه وقد تخطأه
 والجواب: هو إمكان التمسك بعموم روايات القرعة والتي مفادها تعيين ما انبهم وليس استكشاف الواقع وحكايته أي تعيين ما يكون مشتبها بحسب الظاهر سواء كان كذلك بحسب الواقع أم لا كموردنا .
 الصورة الثانية: فيما لو استأجر اثنان دابة للركوب عليها بنحو التناوب -وهذه الصورة لا بد من فرضها مع عدم قدرة الدابة على حملهما معا في آن واحد من خلال وضع محمل عليها فقد حكموا بصحة الإجارة وذلك لتمامية المقتضي وعدم المانع إلا ما نسب إلى الشافعي من وجود المانع، ولعله لذلك تعرض الماتن لهذا الفرض.
 وحاصل ما ذكر في المقام أن إشاعة المنفعة تكون بعين إشاعة العين فلو كانت الدابة غير قابلة للتقسيم لعدم إشاعتها والتقطيع فلا تكون منفعتها قابلة لذلك لأن التقسيم إنما هو للمشاع، فلو كانت العين غير مشاعة فالمنفعة كذلك، وبالتالي فلا تقبل المنفعة التقسيم بعين عدم قبول العين لذلك، فالدابة لما كانت غير قابلة للتقسيم فكذا منافعها غير قابلة له وبالتالي لا تقبل تمليك الحصص المشاعة.
 إلا أن هذا الكلام غير صحيح لأنه لا ربط لإشاعة المنفعة بإشاعة العين وكذا تقسيمها نعم ربما تكون هناك إشاعة للمنفعة بعين إشاعة العين من غير أن تكون إشاعتها بعين إشاعة العين وتقسيمها بعين تقسيمها ومقامنا من هذا القبيل فان عين الدابة رغم عدم قابليتها للتقسيم لعدم إشاعتها، فان منفعتها قابلة للتقسيم لإشاعتها بشكل مستقل ومفصول عن إشاعة العين وذلك بتقسيمها إلى حصص زمانية أو حصص بحسب المسافة والإجارة من هذا القبيل صحيحة بلا إشكال، فلو تراضيا في تعين المبتدأ يعمل به،وإلا فالمرجع هو القرعة.
 الصورة الثالثة: ما لو استأجر اثنان دابة لا على وجه الإشاعة بل نوبا معينة المسافة بكذا لزيد وكذا لعمرو، أو نصف النهار لزيد والنصف الآخر لعمرو فانه لا مانع من صحة الإجارة حتى من مثل الشافعي لعدم الإشاعة في مثل هذه المنفعة المملكة بالإجارة.
 الصورة الرابعة: فيما لو وقعت الإجارة على منفعة العمل لا العين، كما لو استأجر شخص اثنين وكان العمل لا يمكن انجازه إلا بالمتعدد ،كما لو كان شيئا ثقيلا لا يمكن لشخص واحد حمله، فقد حكم الماتن بصحة الإجارة لتمامية المقتضي وعدم المانع غير أن السيد الأستاذ حفظه الله أفاد أن هذه الصورة هي من الإشاعة في الأجرة لا في منفعة العمل التي هي شخصية لا إشاعة فيها، نعم فيما لو استأجر اثنان شخصا واحدا للعمل في هذا اليوم فان المملك هو منفعة العمل لكل منهما على نحو الإشاعة إلا إن ما يتراءى من ظاهر عبارة الماتن هو الصحيح خلافا لما فهمه السيد الأستاذ منها ، على ما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين