الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ ما يتحقق به التسليم
  ( المسألة الخامسة عشرة ) : قد ذكر سابقا أن كلا من المؤجر والمستأجر يملك ما انتقل إليه بالإجارة بنفس العقد ، ولكن لا يجب تسليم أحدهما إلا بتسلم الآخر ، وتسليم المنفعة بتسليم العين ، وتسليم الأجرة بإقباضها إلا إذا كانت منفعة أيضا فبتسليم العين التي تستوفى منها ، ولا يجب على واحد منهما الابتداء بالتسليم ، ولو تعاسرا أجبرهما الحاكم ، ولو كان أحدهما باذلا دون الآخر ولم يمكن جبره كان للأول الحبس إلى أن يسلم الآخر ، هذا كله إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في أحدهما ، وإلا كان هو المتبع ، هذا ، وأما تسليم العمل فإن كان مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة ونحوها فبإتمامه ، فقبله لا يستحق المؤجر المطالبة وبعده لا يجوز للمستأجر المماطلة إلا أن يكون هناك شرط أو عادة في تقديم الأجرة فيتبع وإلا فلا يستحق حتى لو لم يمكن له العمل إلا بعد أخذ الأجرة ، كما في حج الاستئجاري إذا كان المؤجر معسرا ، وكذا في مثل بناء جدار داره أو حفر بئر في داره أو نحو ذلك ، فإن إتمام العمل تسليم ، ولا يحتاج إلى شئ آخر ، وأما في مثل الثوب الذي أعطاه ليخيطه أو الكتاب الذي يكتبه أو نحو ذلك مما كان العمل في شئ بيد المؤجر فهل يكفي إتمامه في التسليم ، فبمجرد الإتمام يستحق المطالبة ، أو لا إلا بعد تسليم مورد العمل فقبل أن يسلم الثوب مثلا لا يستحق مطالبة الأجرة ؟ قولان ، أقواهما الأول لأن المستأجر عليه نفس العمل ، والمفروض أنه قد حصل ، لا الصفة الحادثة في الثوب مثلا وهي المخيطية حتى يقال : إنها في الثوب ، وتسليمها بتسليمه ، وعلى ما ذكرنا فلو تلف الثوب مثلا بعد تمام الخياطة في يد المؤجر بلا ضمان يستحق أجرة العمل ، بخلافه على القول الآخر ، ولو تلف مع ضمانه أو أتلفه وجب عليه قيمته مع وصف المخيطية ، لا قيمته قبلها ، وله الأجرة المسماة بخلافه على القول الآخر ، فإنه لا يستحق الأجرة ، وعليه قيمته غير مخيط، وأما احتمال عدم استحقاقه الأجرة مع ضمانه القيمة مع الوصف فبعيد ، وإن كان له وجه ، وكذا يتفرع على ما ذكر أنه لا يجوز حبس العين بعد إتمام العمل إلى أن يستوفي الأجرة ، فإنها بيده أمانة ، إذ ليست هي ولا الصفة التي فيها موردا للمعاوضة ، فلو حبسها ضمن بخلافه على القول الآخر .
 ذكر الماتن في هذه المسألة ما تقدم ذكره من أن كل من المتعاقدين يملك ما انتقل إليه بمقتضى عقد الإجارة وان تسليم احد الطرفين ما للآخر عنده يتوقف على تسليم الآخر، وقد كرر الماتن كل ذلك في هذه المسألة لأجل بيان مطلب جديد وهو ما يتحقق به التسليم وانه هل يكفي انجاز العمل أم لا بد من التسليم خارجا وقد ذكر (قده) عدة صور للمسألة ثم ذكر بعض الثمرات التي تترتب على كل من القولين، كما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين