الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا انهدمت الدار المستأجرة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله
 كان الكلام فيما لو بادر المؤجر إلى تعمير العين المستاجرة وقلنا إن فيها شقوق، وكنا بصدد بيان الشق الثالث وقلنا بان الماتن تبعا للمشهور على عدم ثبوت الخيار لأن الفائت من المنفعة لم يكن مقدارا معتدا به وان كان الفائت من الزمان معتدا به .
 أما الميرزا تبعا للمحقق والشهيد الثانيين فقالوا بثبوته وكنا بصدد مناقشة ما ذكره الميرزا فنقول :
 ما ذكره الميرزا فانه يتم فيما يكون انهدامه موجبا لفوات المنفعة في جزء من زمان الإجارة وأما إذا لم يوجب ذلك كما في صورة انهدام الدكان مساءا ثم أعاده قبل الصبح، فانه لا يوجب فوات شئ من المنفعة في جزء من الزمان وتكون المبادرة إلى التعمير موجبة لتدارك ذلك، وليست المبادرة إلى التعمير موجبة لتدارك ما يقصد من الانتفاع به فقط حسب إفادة الميرزا قده.
 والضابطة انه في كل مورد تكون مبادرة المؤجر إلى التعمير موجبا لعدم النقص في المنفعة فلا يكون الانهدام موجبا للبطلان مع فرض ان المعاد عين المهدوم عرفا لا انه شئ آخر غيره وان كان رغم المبادرة إلى التعمير سوف يفوت شئ من المنفعة معتد به فانه موجب للبطلان لانتفاء المعاوضة بالنسبة لهذا المقدار من المنفعة المعتد به والذي لم يمكن تداركه من خلال المبادرة إلى التعمير وان كان بالمبادرة إلى تعميره غير موجب لفوات جزء معتد به من المنفعة فانه لا موجب لا للبطلان ولا لثبوت الخيار.
 إلا أن الصحيح ما ذكره الميرزا (قده) فان ما يتدارك بمبادرة المؤجر إلى تعمير ما انهدم خصوص ما يقصد من الانتفاع به، أما فوات منفعة المنهدم في جزء من الزمان فلا يتدارك بمبادرة المؤجر إلى تعمير ما انهدم إذ ليس بوسعه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وعليه فانه بموجب عقد الإجارة قد ملك المستأجر منفعة الدار إلى مدة سنة - مثلا- بما في ذلك منفعة الدرج ، سواء كان الآن هو آن استيفاء منفعة الدرج كزمان الصيف أو لم يكن كفصل الشتاء ، وبالتالي فان المستأجر ملك منفعة الدرج إلى سنة، سواء استوفى المستأجر المنفعة المملوكة له أو لم يستوفها، فان ملكيته لمنفعته لا يدور مدار استيفاء المنفعة ،ولما انهدم الدرج وكانت فترة تعميره وإعادته بحاجة إلى ثلاثة أشهر مثلا- فسوف لا يكون المؤجر مالكا لمنفعة الدرج مدة ثلاثة أشهر، فلا يتم تمليكها بعقد الإجارة، وهذا معنى بطلان الإجارة بلحاظ هذه المدة، وثبوت خيار تبعض الصفقة بلحاظ الباقي وهذا الخيار يتم هنا حتى على مبنى السيد الأستاذ لأنه يجري بلحاظ المنافع غير المستوفاة .
 ثم إن السيد الشهيد (قده): قد قيد المطلب اعني صورة إعادة التعمير بشقوقها الثلاث، بفرض وحدة العين ولو عرفا وكونها نفس العين السابقة لا صيرورتها عين جديدة غير السابقة وإلا بطلت الإجارة ،كما لو كانت العين المستأجرة شقة سكنية فجعلها قاعة عامة .
 والوجه في ذلك : أن متعلق الإجارة قد تلف، وما هو قائم هو شئ جديد لم يكن متعلقا للإجارة .
 بقي ما أشار إليه السيد صادق الروحاني من وجوب المبادرة إلى التعمير فلو أهمل المؤجر ولم يبادر إلى إعادة البناء إلى وضعه السابق بعد انهدامه، فقد استظهر أن للمستأجر إلزام المؤجر بإعادة البناء بملاك انه يجب تسليم العين المستأجرة، وتمكينها من المستأجر، وكأنه استنادا إلى عموم أوفوا بالعقود فلو امتنع المؤجر ثبت للمستأجر الخيار.
 وفيه: انه إنما يجب عليه تسليم العين فيما لو كانت الإجارة على شخص عين لاستيفاء المستأجر المنفعة على فرض وجودها، أما إذا لم تكن موجودة من رأس أو كانت تالفة لا بفعله فلا يجب عليه إيجاد موضوع التسليم، إنما يجب عليه إخراج المتعلق من كتم العدم إلى الوجود، وأما الموضوع فانه يؤخذ مفروض التحقق ومفروغا عن وجوده، فلو لم يكن موجودا لا تجب عليه المبادرة إلى إيجاده حتى يسلمه إلى المستأجر فيستوفي المنفعة.
 والحمد لله رب العالمين