الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا انهدمت الدار المستأجرة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 المسألة التاسعة:
  [إذا آجره دارا فانهدمت فإن خرجت عن الانتفاع بالمرة بطلت ، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل أن يسكن فيها أصلا رجعت الأجرة بتمامها وإلا فبالنسبة ، ويحتمل تمامها في هذه الصورة أيضا ، ويضمن أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى . لكنه بعيد وإن أمكن الانتفاع بها مع ذلك كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء والفسخ ، وإذا فسخ كان حكم الأجرة ما ذكرنا ، ويقوى هنا رجوع تمام المسمى مطلقا ودفع أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى ، لأن هذا هو مقتضى فسخ العقد كما مر سابقا ، وإن انهدم بعض بيوتها بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقية ، وكان للمستأجر خيار تبعض الصفقة ، ولو بادر المؤجر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا ليس للمستأجر الفسخ حينئذ على الأقوى خلافا للثانيين .]
  فيما لو انهدمت الدار المستأجرة ، فتارة لا تبقى صالحة للانتفاع، وأخرى يمكن الانتفاع بها لكن المنافع التي لأجلها تم عقد الإجارة فإنها تفوت بالكلية كالدار حيث لا تصلح للسكنى بالكلية، وإنما يمكن الانتفاع بها كإحراز علف الدواب، وهذا قد يكون بحيث لا يمكن إعادته وقد يكون بحيث يمكن إعادته وما يمكن إعادته تارة يكون مستلزما لمضي زمن معتد به من عقد الإجارة، وأخرى لا يكون كذلك كما لو انهدم الحانوت مساءا وعمره بحيث طلع الفجر وكان الحانوت جاهزا للاستفادة منه بوجهة الإجارة وعلى كل تقدير تارة يعيد المؤجر بناء الدار المنهدمة، وأخرى لا يعيده فهنا جملة صور لا بد من البحث فيها، وهي محل ابتلاء المكلفين:
 الصورة الأولى: وهي فيما لو خرجت عن الانتفاع بالكلية أعني السكنى وان أمكن الانتفاع بها بأمور أخرى،فهنا تارة يكون قبل القبض وأخرى بعد القبض وقبل الاستيفاء وثالثة بعد القبض واستيفاء شئ من المنفعة
 فهنا لو خرجت بالانهدام عن الانتفاع بها بالكلية ولم يمكن إعادتها ثانية فهو من تلف العين فان كان قبل القبض أو بعده فسوف تبطل الإجارة، وترجع الأجرة بتمامها للمستأجر وان كان الانهدام بعد مضي مدة يمكن الانتفاع بها سواء انتفع بها أو لم ينتفع، وكذلك على الخلاف في أنها تبطل من رأس بمقدار ما بقي أو من حين التلف، ويسترجع المستأجر مقدار من الأجرة مقابلا لما تخلف من المنفعة نتيجة انهدام العين المستـأجرة، وهذا كما عرفت ليس من التبعيض في الالتزام العقدي وإنما في اثر العقد لكونه انحلاليا حيث يثبت بعض المعوض وهو المستوفى دون المفروض في الصورة انهدام العين ويثبت هنا خيار تبعض الصفقة بالنسبة للبعض الأول المستوفى خلافا للسيد الأستاذ، فرغم أن المعوض المتبعض الذي يجري فيه خيار التبعض هو المنفعة المستوفاة .
 وان قلت: أن مصب عقد الإجارة هي ارض الدار الباقية، والتي لم تنهدم ، وبالتالي يمكن وضع أي شئ فيها غايته غير المنفعة المملكة بموجب عقد الإجارة، وأما عقد البناء الذي زال بالانهدام فهو وصف من أوصاف المملوك بعقد الإجارة، وعليه فلا يكون الانهدام موجبا لبطلان الإجارة لا من رأس ولا من حينه ، طالما انه يمكن الانتفاع بالعين بغير المنفعة المملكة بعقد الإجارة حيث إنها غير قابلة بعد الانهدام للانتفاع بها.
 قلت: إن المعقود عليه هو الدار بما هي دار لا بما هي ارض، وقرينة ذلك حيثية المملك بعقد الإجارة اعني السكنى فان ما يكون فيه الحيثية المذكورة هو البناء لا الأرض كأرض.
 وان قلت: إن الدار وان خرجت على الانتفاع بها المنفعة المقصودة في عقد الإجارة إلا انه يمكن الانتفاع بها بأمور أخرى كوضع علف الدواب ونحو ذلك، فلا موجب لبطلان الإجارة.
 قلت:إن محل كلام الماتن فيما لو ملكه سنخ منفعة خاصة بمقتضى عقد الإجارة وهي سكنى الدار التي هي مورد الإجارة ، فانه وان أمكن الانتفاع بها فان الإجارة تبطل، لأن المملك بالعقد سنخ منفعة خاصة.
 والحاصل: إن حيثية الدار قد أخذت بنحو التقييد ،ثم إن ما ذكره الماتن لا يحتاج إلى دعوى انحلالية العقد إلى عقود متعددة بتعدد مراتب المنفعة في الأزمنة التدريجية، وذلك لما عرفت من عدم الانحلالية المزعومة، وإنما لدينا قرار معاملي واحد له انحلال بلحاظ الأثر .
 وأما الصور الأخرى فتأتي والحمد لله رب العالمين