الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ تلف العين المستأجرة أثناء المدة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 كان الكلام فيما أفاده السيد عبد الأعلى السبزواري من نقض وحل على ما أفاده الماتن وذكرنا النقض والجواب عليه أما الحل فسوف نرجئ مناقشته وذلك لأجل بيان ما ذكره السيد الأستاذ،
 فقد ذكر حفظه الله كتوضيح لما أفاده الماتن:
 ( إن تلف العين يوجب انتفاء موضوع المنفعة لا وجودها ثم انعدامها فلا يكون لدينا تلفان تلف للعين وتلف للمنفعة وإنما تلف واحد للعين وانعدام للمنفعة من باب السالبة بانتفاء الموضوع بنحو الدفع لا الرفع ). [1]
 ويناقش:بان هذا الذي أفاده إنما يتم فيما لو لم يمتاز ملك المنفعة عن ملك العين بان كان مالك العين والمنفعة واحدا حيث يكون تلف للعين بتمام شراشرها بما في ذلك المنفعة، وعليه فانعدام المنفعة يكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع أي بنحو الدفع لا الرفع،
  وأما إذا امتاز ملك المنفعة عن ملك العين كالفرض بان كان مالك العين المؤجر أما مالك المنفعة فهو المستأجر، فهنا لا يتم ما ذكره السيد الأستاذ وذلك لأمرين:
 الأول: العرف شاهد على ذلك.
  الثاني: لأنه سوف يكون لدينا تلفان واحد للعين وآخر للمنفعة فبحسب الحقيقة قد اتلف مالين ولذا يضمن بضمانين كل من العين والمنفعة .فبحسب الحقيقة سوف يكون في المقام لدينا تلفان واحد للعين وآخر للمنفعة لا انه تلف واحد.
 وقد وافق على ذلك السيد شريعتمداري في تعليقته على المتن، إلا انه جعل ذلك دليلا لما أفاده المشهور من أن البطلان يكون من حين التلف وردا على ما أفاده الماتن من أن البطلان من رأس، قال : إذ العين إذا كان لها اقتضاء البقاء فالمنفعة موجودة عرفا، فلو آجره دابة ركوب شهرا فقتل واحد الدابة فكما يصدق التلف على العين يصدق على المنفعة أيضا، ويقال تلفت المنفعة، ولذا لو جعل منفعة الدابة أو الدار مثلا إلى سنة ثمنا لمبيع أو صداقا لامرأة، فاتلف الدابة متلف في الإثناء أو خربها ضمن قيمة المنفعة للبائع وللمرأة ولا ينكشف بطلان المبيع للكشف عن عدم وجود الثمن في الواقع .
 وفيه: أولا: إن البحث عن التلف لا الإتلاف اللهم إلا أن يكون مبنى السيد هو مبنى الشيخ عبدالكريم الحائري وهو غير ظاهر من جملة تعليقاته على المتن.
 ثانيا: لو سلمنا أن حكمها واحد، إلا أن مثال البيع يرجع إلى الإجارة لا سيما مع عدم توقيفية ألفاظ الإجارة وأنها تقع بلفظ البيع، فان جعل منفعة الدار إلى سنة ثمنا لمبيع هي جعل المبيع أجرة لمنفعة الدار إلى سنة، فمع تلف الدار في الأثناء يأتي نفس الكلام من بطلان الإجارة لعدم وجود المنفعة بقاءا لا أنها كانت موجودة ومن ثم سقطت .
 ثالثا: سلمنا أن المنفعة تكون موجودة عرفا فيما لو كان للعين اقتضاء البقاء إلا أن أول الكلام في قدر وجودها فان دعوى الماتن قده أنها موجودة فإذا ما تلفت العين لا يبقى موضوع لوجودها .
 ورابعا: وانتصارا للسيد الأستاذ أن في المقام مطلبين لا بد من التمييز بينهما:
  الأول: انه هل يصدق في المقام حيث تمايز مالك العين عن مالك المنفعة تلف؟ أو تلفان ؟
 والثاني: إن المتلف هل يضمن كل من العين والمنفعة أو لا يضمن إلا خصوص العين مثلا - ؟ .
 والأول قد أصر السيد شريعتمداري على انه يوجد تلفان، ولازم ما أفاده أن المنفعة لها اقتضاء البقاء، فإذا ما تلفت العين سقطت المنفعة من كيس المستأجر أي السقوط بعد الثبوت والوجود، لا من باب السالبة بانتفاء الموضوع، وهذا معنى تلف المنفعة, وهذا ما ينفيه السيد الأستاذ وانه بحسب الحقيقة لا يوجد لدينا تلفان في الفرض واحد للمنفعة وآخر للعين، رغم أن مالك احدهما غير مالك الآخر وإنما هو تلف واحد للعين ورفع لها بقاءا وانتفاء للمنفعة من باب السالبة بانتفاء الموضوع، أي كما ذكر السيد الأستاذ من باب الدفع لا الرفع ،إلا انه رغم عدم صدق التلفين إلا انه لما كان لدينا مالان حسب الفرض لتعدد المالك طرف الإضافة الموجب لتعدد الإضافة المالكية الموجبة لتعدد المال، احدهما العين والآخر المنفعة، وهذا ما يكون منشأ لتعدد الضمان احدهما لمالك العين والآخر لمالك المنفعة، والموجب للضمان الأول الإتلاف، وأما الضمان الثاني فهو التفويت فيكون بذلك قد حافظ السيد الأستاذ على وجدانية تعدد المال والضمان إلا انه لا يكون لدينا اتلافان وإنما هو إتلاف واحد .
  وأما الجواب الحلي الذي ذكره السيد عبد الأعلى السبزواري: وحاصله: أن المنفعة المستقبلية لها وجود اعتباري إذا كانت العين قابلة لها بطبعها وتتعلق بها الملكية من أول الأمر، ولو لم تكن متحققة في العين وقتها، وإنما يحكم في فرض التلف بالانفساخ نتيجة تلف محل العقد بعد وجوده وهو مدرك المشهور من حصول الانفساخ من حين التلف لا البطلان من رأس وعليه فلا يبقى وجه للفضولية لفرض أن الأجرة بتمامها صارت ملكا للمؤجر بمجرد العقد والمنفعة كذلك صارت ملكا للمستأجر فلا فضولية لعدم الموجب لها.
 وأما مناقشة ما أفاده فسوف يأتي والحمد لله رب العالمين


[1] كتاب الإجارة للسيد الهاشمي ج1 ص 300