الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ استقرار الأجرة بتسليم العين
 بقي من المسألة الثالثة ما تعرض له صاحب الشرائع وذكره الماتن حيث تعرض لصورة ما إذا آجره لقلع ضرسه فزال ألمه بعد العقد فسوف لا يمكنه استيفاء المنفعة وهو إزالة الألم لزواله بذاته فقد حكم الماتن بانفساخ الإجارة أي بطلانها من أول الأمر .
 وقد أورد السيد الخوئي: بأنه لا موجب للبطلان بعد أن لم يكن قلع الضرس حراما، غاية الأمر أن صاحب الضرس إذا امتنع عن تمكين نفسه من الأجير استقرت الأجرة في ذمته لا أنها تبطل،
 وقد أورد عليه السيد الأستاذ: أن الألم في الضرس إذا كان مأخوذا بنحو القيدية تبطل الإجارة لتعذر العمل المستأجر عليه، وان كان بنحو الشرط ضمن العقد كان له الفسخ ، نعم يتم ما ذكره السيد الخوئي فيما لو كان بنحو الداعي وان حيثية الألم تعليلية.
 وصاحب الجواهر: علل بطلان الإجارة بتعذر متعلقها قال:(ذكروا قرارها أيضا فيما لو استأجره لقلع ضرسه فبرأ بعد أن مضت مدة يمكنه القلع فيها باذلا الأجير نفسه فيها ، وإنما كان التأخير من جانب المستأجر ، وذلك لما عرفت من اقتضاء العقد ملك الأجرة على الوجه الذي سمعته ، والفرض لم يبق محل للعمل) [1] ولعله لعدم جواز قلع الضرس إن لم يكن من علة ، وهكذا أفاد السيد الحكيم حيث قال:( لصيرورة المنفعة محرمة ، فيمتنع أكل المال بأزائها ، لأنه أكل بالباطل ) [2] . فبذل المال بإزاء المنفعة المحرمة هو بذل للمال لا بإزاء،وأكل للمال بالباطل ،حيث يعتبر في صحة الإجارة إباحة المنفعة ولو على أساس أن المنفعة المحرمة غير مملوكة ولا معنى لتمليك ما لا يملكه .
 وقد أورد المحقق الأصفهاني : أن هذا يتم في منفعة العين حيث يمكن تقسيمها إلى مملوكة وغير مملوكة, وأما بالنسبة لمنفعة العمل فلا لأن العمل غير مضاف إلى عامله إضافة الملكية وإنما إضافة الفعل إلى فاعله، وإنما له السلطنة على التعهد بعمل في ذمته فلا ينقسم إلى مملوك وغير مملوك بلحاظ عامله حتى يكون المحرم منه غير مملوك له.
 ويجاب عنه: انه لا مانع من اجتماع النسبتين معا في عمل الحر ففي الوقت الذي يكون فيه نسبته إلى العامل الأجير نسبة الفعل إلى الفاعل والعرض إلى موضوعه هو ملك له أيضا إي نسبته إليه نسبة الملك إلى المالك .
 وفيه: انه بعد فرض ثبوت العلقة الذاتية بين العامل والعمل على أساس واجديته له وصدوره عنه فلا لفرض علقة أخرى جعلية لما فيه من اللغوية.
 تطبيق المسألة
 قال الماتن:[إذا استأجره لقلع ضرسه ومضت المدة التي يمكن إيقاع ذلك فيها(لأنه لو لم تمض لا تستقر الأجرة) وكان المؤجر باذلا نفسه استقرت الأجرة سواء أكان المؤجر حرا أو عبدا بإذن مولاه ، واحتمال الفرق (وهو ما ذهب إليه المحقق الكركي في جامع المقاصد)بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأول لأن منافع الحر لا تضمن إلا بالاستيفاء (لدعوى أن منافع الحر غير مملوكة له) لا وجه له، (ذكر الماتن وجهين لضمان منافع الحر ) لأن منافعه بعد العقد عليها صارت مالا للمستحق فإذا بذلها ولم يقبل كان تلفها منه( هذا الوجه الأول)، مع أنا لا نسلم أن منافعه لا تضمن إلا بالاستيفاء، بل تضمن بالتفويت أيضا إذا صدق ذلك ( هذا الوجه الثاني)، كما إذا حبسه وكان كسوبا (كلامه في خصوص الحر الكسوب والتمييز بين ما قبل العقد وما بعد العقد هو في الحر غير الكسوب) فإنه يصدق في العرف أنه فوت عليه كذا مقدارا (وقلنا بان هنا كلام للمحقق العراقي )، هذا ولو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم (قال السيد الگلپايگاني: بحيث يحرم قلعه ) بعد العقد لم تثبت الأجرة لانفساخ الإجارة (قال السيد الخوئي في إطلاقه منع ظاهر بل الظاهر عدم الانفساخ مطلقا ولعله إشارة لما أفاده السيد الأستاذ )حينئذ .] والحمد لله رب العالمين


[1] الجواهر ج37ص41
[2] المستمسك ج 12ص49