الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ استقرار الأجرة بتسليم العين
 تكملة تطبيق المسألة الأولى
 قال الماتن: [نعم مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدم استقرار الأجرة المسماة وبقاء الإجارة(بمعنى تبقى صحيحة) وإن كان ضامنا لأجرة المثل لتلك المدة(وهي المدة التي استلم فيها العين ولم يستوف المنفعة) من جهة تفويته المنفعة على المؤجر ].
 وقد علق المحشون على العروة على هذا الاستدراك بما يلي:
 - السيد أبو الحسن الأصفهاني : بل الظاهر استقرارها كما في العين الشخصية .
 -الإمام الخميني :بل الظاهر استقرارها مع انقضاء زمان يمكن الاستيفاء وعدم ضمان أجرة المثل .
 -الآقا ضياء الدين العراقي : بمضي مقدار العمل أو المنفعة بعد قبض المعين للكلي لصدق عدم تلف المنفعة حينئذ وقابلية العين للاستيفاء منه فيصح العقد حينئذ واقعا الموجب لاستقرار الأجرة كما لا يخفى .
 - السيد عبد الهادي الشيرازي: بل الظاهر استقرارها .
 - السيد الگلپايگاني: بل الظاهر الاستقرار إذا كان التسليم بعنوان الوفاء حيث لا يعتبر فيه وقت نعم إن كان بعنوان الأمانة وإيكال الوقت إلى المستأجر فلا تستقر الأجرة المسماة إلا بعد التعيين ويضمن أجرة المثل قبله إن لم يأذن في بقائه عنده مجانا .
 - الشيخ عبد الكريم الحائري : بل الأقوى في هذه الصورة أيضا الاستقرار .
 - السيد الخوئي: بل الظاهر استقرارها، وقد التزم ( قدس سره ) باستقرارها في العين الشخصية إذ لا فرق بين العين الشخصية والكلية بعدما كان التعيين بيد المؤجر .
  (المسألة الثانية) : ( إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر ولم يتسلم حتى أنقضت المدة استقرت عليه الأجرة وكذا إذا استأجره ليخيط له ثوبا معينا مثلا في وقت معين وامتنع من دفع الثوب إليه حتى مضى ذلك الوقت فإنه يجب عليه دفع الأجرة سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه بشغل آخر لنفسه أو لغيره أو جلس فارغا ).
 استعرض فيها الماتن ما اشرنا إليه ضمنا في المسألة السابقة وان الميزان في استقرار الأجرة ليس بقبض المستأجر للعين ومضي زمان يمكنه فيه استيفاء المنفعة بل يكفي تسليم المؤجر للعين ومضي المدة المذكورة سواء تسلمها المستأجر أو لم يتسلمها، حيث يكون فوات تلك المنفعة المشخصة تفويتا من المستأجر لما هو ماله وفي حوزته، لا أنه من مال المؤجر، وقد أدّى ما هو عليه اعني تسليم العين سواء تسلمها المستأجر أم لا ، وهكذا الأمر في إجارة الإعمال إذا كانت محددة بوقت معين، وقد تهيأ الأجير واستعد للعمل إلا أن المستأجر لم يستوف منفعة عمل الأجير فانه يكون تفويتا لمال نفسه بفعل نفسه ثم إن عموم أدلة اللزوم تقتضي ذلك ، نعم الروايات التي سبق ذكرها، موردها قبض المستأجر للعين فلا شمول لها للمورد.
 ثم انه في صورة تسليم المؤجر للعين التي هي من قبيل الكلي في الذمة لا يخلو إما أن يتسلمها المستأجر أو لا ، فعلى الأول: يتم ما ذكره الماتن في المسألة الأولى،
 وعلى الثاني: أي في فرض عدم تسلّم المستأجر العين لعدم قبوله بالفرد حيث إن تعيين الكلي في فرد محدد يحتاج إلى رضا المستأجر فيما لو كان على نحو الكلي في الذمة بخلاف الكلي في المعين حيث لا يشترط فيه إلا تعيين المؤجر للكلي ضمن فرد، وعليه فمع فرض عدم قبول المستأجر وبالتالي عدم تسلمه لما قد طبقه المؤجر على فرد من ذلك الكلي في الذمة، وعليه فلا يتشخص ما هو ملك المستأجر فيما عينه المستأجر، فلا يكون فوّت تلك المنفعة لذلك الفرد من الكلي من ملك المستأجر ، وإنما من كيس المؤجر، إذ لا موجب لضمان المال واحترامه وضعا إلا الإتلاف أو التفويت أو الاستيلاء من خلال وضع اليد عليه فيفوت تحت يده،
 أما الاستيلاء فحسب الفرض لا وضع لليد على العين من قبل المستأجر، وإنما مجرد بذل من المؤجر وعدم قبض من قبل المستأجر ،
 وأما الإتلاف، فهو غير متحقق إذ لا إتلاف أصلا ،لأن المستأجر لم يستوف المنفعة لعدم قبضه العين،
 بقي ملاك التفويت حيث امتنع المستـأجر عن تسلّم العين، ومن الواضح أن مجرد امتناع المستأجر عن تسلم العين التي هي ملك المؤجر ليس فيه منعا عن وجوده إذ ليس أمر إيجاده بيد المستأجر حتى يكون امتناعه تفويتا لمال المؤجر بل الذي فوّت المنفعة هو المؤجر بتعطيلها من خلال تسليمها للمستأجر وعدم قبول المستأجر لها بالخصوص بخلاف التفويت فيما سبق الحاصل من المستأجر إذ التفويت بامتناعه عن استيفاء ما تعين كونه ملكا له، لأن المخرج لتلك المنفعة من القوة والاستعداد إلى الفعلية هو المستأجر فامتناعه عن ذلك تفويت حاصل من المستأجر لما يكون أمر إيجاده بيده.
 وقد حكم الماتن باستقرار الأجرة المسماة سواء اشتغل المستأجر في ذلك الوقت المحدد مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه - مثلا بشغل آخر لنفسه أو لغيره أو انه جلس فارغا، ودليل ذلك أن المناط في استقرار الأجرة على المستأجر بذل المؤجر العين وهذا الملاك لاستقرار الأجرة ثابت في كل تلك الصور التي أشار لها الماتن، على تفصيل يأتي والحمد لله رب العالمين.