الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ الإجارة من العقود اللازمة \ خيار العيب
 كان الكلام فيما لو حدث العيب بعد العقد وبعد قبض المنفعة وقلنا بما أن المنفعة من الأمور التدريجية فالعيب يكون دائما بمثابة ما لو حصل قبل القبض ويكون من كيس المؤجر وذكرنا بأن السيد الأستاذ أشكل على ذلك بناء على أن القبض كان للقابلية أعني قابلية الانتفاع وهو متحقق حتى لو كانت تدريجية وأيد ذلك بما لو غصب غاصب المنفعة فإنه يضمن للمستأجر ، وقلنا بأن ما أفاده السيد الأستاذ تام ولكن المشكلة في ما ذكره من مؤيد فإنه غير تام ، لأن ضمان الغاصب للمنفعة - التي أتلفها للمستأجر لا للمؤجر ، لا يصلح أن يكون مؤيدا ، لأن غاية ما يدل على أن المنفعة على ملك المضمون له أعني المستأجر و كونها على ملكه شئ ، وثبوت الخيار له شئ آخر ، ولذا في صورة ما لو حصل العيب بعد العقد وقبل القبض تنتقل المنفعة بمجرد العقد إلى ملك المستأجر رغم أنه لم يقبضها بعد ، ومع هذا يكون العيب من كيس المؤجر عملا بالشرط الارتكازي ، فلا يكفي مجرد ضمان الغاصب للمنفعة للمستأجر في عدم ثبوت الخيار له لو حدث العيب بعد القبض ، ولا سيما أن قبض المنفعة أمر تدريجي الحصول.
 الثاني: قد يدعى فيما لو كان طرو العيب بعد القبض بأن المقتضي لخيار العيب يثبت ولكن هناك مانع موجب لسقوط الخيار وهو التصرف ولو في بعضه كما هو الحال في باب البيع حيث لا سلطنة له على الرد مع التصرف ولو ببعض المال .
 وفيه: ما أفاده المحقق الأصفهاني إنه يتم فيما لو أمكن مع التصرف أن يرد ، وهذا في العين واضح ، وأما في المنفعة فلا ، وذلك لأن استيفاء المنفعة مساوق لتلفها فلا يعقل فيها الرد ، فيدور أمر المنفعة بين ما تصرّم فلا يعقل فيه الرد وبين ما لم يحصل ، والحال أنه لم يقبض .
 ويدفعه: أن نفس المحقق الأصفهاني يرى أن المنفعة لما كانت عبارة عن القابلية وليست المنفعة الفعلية فليس لها هذان الطوران ، وإنما هي منفعة واحدة بعد استيفاء بعض أبعاضها يمكنه رد البعض الباقي فلا تتم هذه الدعوى.
 الثالث: ربما يدعى أن العيب يرجع إلى التلف ولو النسبي الواقع على العين ابتداء فيكون من كيس مالك العين أعني المؤجر لا المستأجر، وعليه فلا معنى لخيار العيب ولا لأرش التفاوت.
 وفيه: أن هذه الدعوى تلقى صدى في مثل التلف لا العيب حيث تكون العين موجودة وفي قبضة المستأجر أو كذلك أصل المنفعة التي هي على ملكه ، وحيث إنها كانت في قبضته فلا وجه لأن يحمل صاحب العين النقص المالي الذي يرد في مال الغير .
 أقول: الصحيح هو التفصيل بين نحوين من العيوب ، فتارة يكون منشأ العيب هو استهلاك المنفعة ، وفي مثله لا ثبوت لخيار العيب ، وبطبيعة الحال فإن حدوثه بعد الملك بل بعد القبض ، وبين العيب الذي يكون منشأه ضعف في المقتضي ، فإنه يثبت ، أما الأول فواضح ولو بملاك الإقدام على استئجار عين ربما تعيّبت في طول الانتفاع بها ، فإن كان المدرك لثبوت الخيار قاعدة لا ضرر ، فلا ضرر في صورة الإقدام ، وإن كان عبارة عن شرط السلامة الارتكازي فلا شرط مع الإقدام ، نعم في صورة ضعف المقتضي فإنه يكون بمثابة العيب القديم لا أنه يكون حادثا ، غايته قد تم اكتشافه مؤخرا ، فيكون للمستأجر الخيار ، ومثله ما لو كان منشأ العيب هو تقادم الزمان ، لا ضعف المقتضي ولا نتيجة استهلاك المنفعة .
 نعم قد يؤيد ما ذكره السيد الأستاذ - وهذا ما أشار إليه في طيات كلامه من بناء الفقهاء على عدم الخيار للمستأجر لو غصبت العين بعد القبض ، والوجه فيه واضح لو سلمنا بهكذا بناء - فتأمل .
 والحمد لله رب العالمين