الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ الإجارة من العقود اللازمة \ خيار العيب
 الفرق بين المقام وخيار تبعض الصفقة
 الكلام في الجهة الرابعة ولكن قبل الدخول فيها بقي شيء من الجهة الثالثة وهو فيما لو كان العيب مستوجبا لنقصان مقدار من المنفعة كانت مقابلة بمقدار من الأجرة حيث تتبعض المنفعة بحسب المقدار ، وقد اقتضى العيب تلف بعض المنفعة المملكة بعقد الإجارة ، فسوف تبطل الإجارة بالمقدار المقابل لذلك البعض الذي بذلت بعض الأجرة بإزائه لعدم وجود عوض ذلك البعض ، وذلك حيث تكون أبعاض المنفعة متساوية بحيث تتقسط الأجرة عليها بالنسبة ، كما لو استأجر شقة من أربع غرف بأربعمائة دولار بحيث كانت الأجرة مقسطة مائة دولار على كل غرفة ،فلو حصل عيب في الشقة أدى إلى انهدام غرفة من الغرف فلا محالة تبعضت الصفقة حيث تبطل بلحاظ البعض الذي انهدام ويثبت للمستأجر خيار تبعض الصفقة بلحاظ البعض الباقي أعني الثلاث غرف ، وهذا لا ربط له بخيار العيب ولا ثبوت أرش التفاوت بين الصحيح والمعيب ، وإنما هو خيار تبعض الصفقة حيث يسترجع من الأجرة بمقدار المقابل لما انهدم منها وفاتت منفعته على المستأجر أعني مائة دولار ويثبت له خيار تبعض الصفقة بالنسبة للمقدار الباقي أي أن المائة دولار ليست أرشا ، وإنما هي بعض الأجرة المبذولة بإزاء الغرفة التي انهدمت ،
 والحاصل أن هذا هو الفرق بين خيار تبعض الصفقة والارش حيث إن ما يدفعه المؤجر في الأول هو جزء من الأجرة بخلاف الارش فإنه ليس جزءا من الأجرة بل هو حكم بالتدارك يدفعه المؤجر من سائر ماله ، وقد وقع الخلط بين المقامين في كلمات بعض الأعاظم .
 حصول العيب بعد العقد
 الجهة الرابعة:كل ما تقدم كان فيما لو حصل العيب قبل العقد ، أما لو كان العيب حاصلا بعد العقد فهذا على شقين ، إذ تارة يحصل العيب قبل القبض وأخرى بعده لاسيما بعد استيفاء بعض المنفعة ،
 أما الشق الأول : وهو فيما لو طرأ العيب بعد العقد وقبل القبض ، فلا إشكال في ثبوت خيار العيب لأن منشأ هذا الخيار ، إما الروايات الخاصة أو قاعدة لا ضرر أو الشرط الإرتكازي ، وأما الإجماع فهو على التسليم به دليل لبي والقدر المتيقن منه هو طرؤ العيب قبل العقد ، لذا نقتصر على هذه الأدلة الثلاثة :
 أما الأول: - وهو الروايات - وكان التعدي من البيع إلى الإجارة على أساس إلغاء الخصوصية فهي تقتضي ثبوت الخيار وذلك تمسكا بإطلاق ما دلّ على ثبوت الخيار فيما إذا ظهر في المبيع عيبا الشامل بإطلاقه لما إذا كان العيب حاصلا بعد العقد وقبل القبض ، فضلا عما إذا كان حصوله قبل العقد ،ولكن عرفت فيما سبق عدم شمول هذا الدليل لأصل خيار العيب في باب الإجارة ، فمن باب أولى عدم ثبوته في هذه الصورة .
 إن قلت: موردنا نظير تلف المبيع قبل القبض ، فما دلّ على إن تلف المبيع قبل القبض هو من كيس البائع يكون شاملا لمقامنا وذلك لصدق التلف في موردنا أعني تلف وصف الصحة وشرط السلامة قبل قبضه ،
 قلت: أولا: لو سلمنا ذلك في باب البيع فلا شمول له لمقامنا .
 ثانيا: إن مفاد تلك الروايات هو تدارك العيب الذي طرأ على العين التي كانت مصبا للعقد البيع ، وفي موردنا طرأ العيب على العين ومصب الإجارة هو المنفعة .
 وأما الثاني: أعني قاعدة لا ضرر فلا إشكال في كون الضرر حاصلا في المنفعة وهي في ملك المستأجر فتحميلها للمؤجر ولو من خلال إثبات الخيار للمستأجر نحو ضرر عليه ولو بلحاظ تزلزل المعاملة ،
 ولا ينقض بأن هذا النحو من الضرر حاق به فيما لو حصل العيب قبل العقد ، فأي فرق وذلك لوضوح أننا بصدد نفي الضرر عنه بنفي اللزوم حتى لو أدى نفي اللزوم وتزلزل المعاملة إلى لحوق الضرر بالمؤجر ، بخلاف المقام ، لأن العيب حصل بعد ملكية المستأجر للمنفعة ، فقد حصل العيب في ملكه .
 وأما الثالث: أعني الشرط الارتكازي ، وهو شرط السلامة من العيب الملحوظ في عقد الإجارة ارتكازا ، وهي ملحوظة للمستأجر إلى حين القبض والحصول على المنفعة من خلال قبض العين ، فإنه هو الغرض عامة لا مجرد سلامة المأجور من العيب إلى حين العقد لعدم تعلق الغرض النوعي بذلك ،
 والصحيح ثبوت الخيار للمستأجر بعد العقد وقبل القبض وهو مبني على الشرط الإرتكازي دون غيره من الأدلة التي عرفت عدم تماميتها في الدلالة على المطلوب
 بقي الكلام في الشق الثاني يأتي في الدرس المقبل إنشاء الله