الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/12/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ الإجارة من العقود اللازمة \ خيار العيب
 اتضح من مطاوي ما تقدم أننا لا نمتلك دليلا على ثبوت أرش التفاوت في باب الإجارة نعم يثبت خيار العيب وكلامنا في الجهة الثالثة .
 الجهة الثالثة : وهي في الكلام على تبعض الصفقة ، وقبل بيانها لا بد من التنبيه على أمرين :
 التنبيه الأول: دعوى أن الثابت في المقام خيار الغبن:
 فقد يدعى أن الثابت في المقام لا سيما عل أساس قاعدة لا ضرر والشرط الإرتكازي خيار الغبن لأنه قد استأجر ما قيمته صحيحا بدرهم بعشرة دراهم ، وهذا موجب لثبوت خيار الغبن لا العيب ، خصوصا أنه قد ذكر في محله أن المهم في الدليل على خيار الغبن قاعدة لا ضرر والشرط الارتكازي .
 والجواب :

  أولا: إن هذا إنما يتم فيما لو كان التفاوت فاحشا، ولا يتم فيما لو كان يسيرا بحيث لا يتحقق معه ما قيد به خيار الغبن ، ففي مثله لا ثبوت لخيار الغبن لعدم التفاوت الفاحش ، ومع هذا يثبت له خيار العيب رغم جهله بهذا التفاوت .
 ثانيا: لا بد في ثبوت خيار الغبن أن يكون منشأ التفاوت الفاحش غير العيب ، بأن يكون الغبن مستندا إلى نفس هذا التفاوت بمعزل عن وجود عيب ونقص في العين ، وبعبارة أخرى إن منشأ خيار الغبن أعني التفاوت الفاحش لا بد أن يكون في المقدار المبذول بمعزل عن وجود عيب ونقص هو السبب في هذا التفاوت في المقدار المبذول .
 وبناء عليه فالصحيح أن خيار الغبن أجنبي عن المقام لكونه مشروطا بأمرين الجهل والتفاوت الفاحش ، إضافة إلى أن التفاوت في خيار الغبن لا بد أن يكون مستندا إلى غير العيب .
 التنبيه الثاني: دعوى عدم ثبوت الخيار في العيب غير الموجب لنقص المنفعة :
 وقد أشار إليه الماتن وهو إنه قد يقال إن ما ذكرناه من ثبوت خيار العيب في الإجارة إنما يكون في صورة ما لو كان العيب موجبا للنقص في المنفعة ، وأما في صورة كون العيب غير موجب للنقص في استيفاء المنفعة ، كما لو كانت الدابة مقطوعة الأذن أو مقصوصة الذيل، فإن ذلك لا يوجب نقصا في المنفعة ، وعليه فقد يدعى عدم ثبوت خيار العيب لأن ملاك ثبوته هو كونه موجبا للنقص في المنفعة ، فلو بقيت المنفعة على ما هي عليه من حيث التمكن من استيفائها بتمامها من دون نقص فيها نتيجة هذا العيب الحاصل في العين فلا موجب لثبوت الخيار .
 والجواب: إن الميزان بناء على المهم من أدلة المقام اعني قاعدة لا ضرر والشرط الارتكازي - في ثبوت الخيار هو حصول مجموع أمرين:الأول: العيب ، والثاني: كونه موجبا للنقص في المالية نتيجة اختلاف الرغبة لدى العقلاء ، فكلما تم هذان الشرطان ثبت الخيار ومنشأ الإشكال فيما لو لم يكن العيب موجبا للنقص في المالية ، وإنما بسبب التفاوت والاختلاف في الرغبة لدى العقلاء ليس إلا لم يكن لدى المستأجر الرغبة في الإبقاء على هذه المعاملة ، فهل يثبت له الخيار ؟
 نقول: حيث إن الدليل على هذين الشرطين هو نفس الدليل على خيار العيب وقد تقدم منا أن الثابت في المقام قاعدة لا ضرر والشرط الإرتكازي ، فالتفاوت في الرغبة لدى نوع العقلاء يكون باختلاف الأعيان المستأجرة ولو مع تساوي الصحيح والمعيب منها في مقام استيفاء المنفعة، بل ربما يزيد المعيب منها على الصحيح لكنه مع ذلك تتفاوت الرغبات بلحاظ أعيانها من حيث الصحة والفساد ، فنفس العيب موجب للخيار بلا نظر إلى التفاوت بين الصحيح منها والمعيب ، ونكتة ذلك أن ثبوت الخيار دائر مدار تخلف الشرط الإرتكازي أو تحقق الضرر وجودا وعدما ، فكلما تخلف الشرط أو تحقق الضرر ثبت الخيار وإلا فلا .
 بقي الكلام في تبعض الصفقة ، وفي الجهة الرابعة وهي في فيما لو حصل العيب بعد العقد فهل يثبت له الخيار مطلقا أو يفصل بين ما لو كان قبل القبض أو بعده ؟ وسوف يأتي غدا إنشاء الله الكلام في ذلك والحمد لله رب العالمين