الأستاذ السید حیدر الموسوي

بحث الفقة

32/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة العبد ثم عتقه

 تقدم أنه إذا أجر عبده وفي أثناء مدة الإجارة أعتقه قلنا أن الإجارة صحيحة ولا تبطل بعتقه ، والعتق صحيح أيضا لأنه بحسب الحقيقة العتق تحرير ما يملكه السيد ، وما يملكه لم يكن الرقبة مع المنافع مطلقا بل الرقبة والمنافع ما عدا مدة الإجارة ، وبعض الإشكالات التي تقدمت ترد هنا :

منها: أن السيد يملك المنافع الحالية ، أما الاستقبالية حيث إنها ليست مالا ولا مالية لها فلا تصح المعاوضة عليها ، وأجبنا: بأن المنافع الاستقبالية يصدق عليها أنها مال ولها مالية كما تقدم منا الكلام في ذلك مرارا فلا نعيد .

ومنها: أنه تقدم من الماتن أن تصرفات الولي حال الصغر في الصبي أو ماله بلحاظ فترة الكبر غير نافذة، فحكم بأن صحة الإجارة بحاجة إلى إجازة الصبي بعد البلوغ ، فكذلك في موردنا قد يقال إن العبد بعد التحرر قد ملك المنافع تبعا لملكه لنفسه ، فتصرف سيده بمنافعه التي تكون بعد التحرر بحاجة إلى الإجازة ، بينما الماتن حكم هنا بصحة الإجارة

 والجواب:أنه يوجد فرق بين الموردين ، ففي مسألة تصرف الولي بالصبي أو بماله ، ولاية الولي مقيدة بحال الصغر وحيثية الصبا هي حيثية تقيدية، فإذا بلغ راشدا تنتفي عنه ولاية الولي ، وعليه فلا تشمل فترة ما بعد البلوغ ، ولذا بعد البلوغ حكم الماتن بتوقف نفوذ تصرفات الولي أو الوصي على الإجازة ، وأما في موردنا فالسيد هو مالك لرقبة العبد ولجميع منافعه تبعا لملكيته له مطلقا ما دام العبد على قيد الحياة ، وليست مقيدة بحال العبودية ، فهو من الآن مالك للمنافع مطلقا سواء حال العبودية أو بعدها ، والتحرير يعني إخراج ما كان مالكا له عن ملكه ، والمنافع مدة الإجارة ليست ملكا للسيد حتى يخرجها عن ملكه ، فالعبد أصبح مالكا لنفسه ولجميع منافعه ما عدا مدة الإجارة ، نظير ما لو باع الدار المستأجرة فقد قلنا بأن البيع صحيح ولكن المنافع مدة الإجارة تبقى على ملك المستأجر ولا تنتقل للمشتري .

أما الامر الثاني : وهو نفقة العبد بعد تحريره ، فقد تقدم أن الوجوه خمسة :

الوجه الأول : ما عليه الماتن من أن نفقته على سيده ، وما يمكن أن يستدل به على هذا الوجه عدة أدلة :

 الدليل الأول : إن نفقة العبد على سيده بإزاء ما يتقاضاه من أجرة منافع العبد مدة الإجارة ، هذا ما ذكره الماتن ولكن أغلب المحشين على العروة أشكلوا عليه ، ويمكن توجيه ما أفاده بما يلي: أن يكون صغرى لكبرى (الخراج بالضمان ) لكن على المبنى الصحيح في بيانها ، وهو فيما لو ضمن عينا لسبب ما وكان الضمان صحيحا يكون نفع العين وخراجها راجع للضامن ، وبالملازمة لو كان في مورد خراج العين راجعا له فيستكشف أنه ضامن لها وحفظها عليه بطريق الإن، وفي موردنا وحيث إن الخراج يكون بسبب ما ، فالسبب هو ضمان العبد وحفظه ، بمعنى أن المنافع تكون للسيد بالمجان ولكن بسبب ضمانه للعبد وحفاظه عليه ، أو يقال إن الخراج للسيد عوض ضمان العبد والحفاظ عليه ، على الاختلاف في معنى الباء وأنها سببية أو عوضية ، والنفقة هي عين النفقة التي كانت واجبة عليه حال الرقية ، ولا ربط لها بعقد الإجارة .

 وللكلام تتمة تأتي في الدرس اللاحق إن شاء الله.