آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته/ الرضاع

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله لدرس

هذا والظاهر كفاية تقارن تمامية الرضاع المعتبر لتمامية الحولين في التحريم، ولا يعتبر سبقه على تماميتهما، كما صرح به في الشرائع [1] والإرشاد[2] وغيرهما[3] [4] [5] [6] ، لاختصاص المنع تبعاً للمستفيضة بالرضاع بعد الفطام المحمول على الحولين كما تقدم.

نعم مقتضى الجمود على قوله عليه السلام في معتبر الفضل المتقدم : " الرضاع قبل الحولين . . . " عدم الإكتفاء بذلك، وهو معقد بعض الإجماعات المتقدمة. لكن لا بد من حمله على مانعية التأخر عن الحولين، لتفرع النصوص والفتاوى على قوله صلى الله عليه وآله: " لا رضاع بعد فطام ". فإنه الأصل في المسألة.

قوله قدس سره: دون ولد المرضعة

كما هو صريح ابن إدريس في السرائر [7] وجماعة ممن بعده وظاهر من أطلق، حيث تصرف إلى بيان شروط المرتضع، خصوصاً بلحاظ أن أظهر أدلتهم قولهم صلوات الله عليهم : " لا رضاع بعد فطام " الظاهر في أن الفطام من شؤون المرتضع، وإلا فمضي الحولين من حين الولادة قد لا يكون مورداً لفطام ولد المرضعة ، لموته قبل ذلك . بل هو كالصريح من قوله عليه السلام في معتبر الفضل بن عبد الملك المتقدم: " الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم " فإن تقدم الرضاع يناسب رجوع ضمير: " يفطم " للمرتضع، ولا يناسب رجوعه لولد المرضعة.

هذا مضافاً إلى ما سبق من إجماع الكل على اعتبار الحولين في المرتضع، ومن الظاهر أن دليلهم النصوص المذكورة، المستلزم لكون المراد بالفطام – المحمول على الحولين – فيها هو فطام المرتضع دون ولد المرضعة.

ودعوى: أن المراد بالفطام فيها هو الأعم بنحو يشمل فطامهما معاً. ممنوعة، إذ لا ريب في أن المراد بالفطام فيها ليس مطلق الفطام، ولو كان لأجنبي عن اللبن الذي يرتضع، ليمكن شموله لهما، بل خصوص المقيد، وحيث لم ينص فيها على التقييد بالمرتضع وولد المرضعة معاً، فلا بد من حمله على التقييد بخصوص أحدهما لانصرافه إليه، لعدم الجامع العرفي الخاص بهما، وحيث لا إشكال عندهم في إرادة المرتضع منها، تعين عدم إرادة ولد المرضعة فيها.

وكيف كان فقد اشترط أبو الصلاح [8] في محرمية الرضاع أن يكون الصبي الراضع والصبي المرتضع من لبن ولادته معاً لدون السنتين ووافقه في ذلك في الوسيلة[9] والغنية[10] مدعياً عليه في الثاني إجماع الطائفة. وفي المختلف[11] : " وقول أبي الصلاح لا يخلو من قوة، فنحن في هذه المسألة من المتوقفين ".

وقد استدل في الغنية بالإجماع وبقوله تعالى : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [12] بضميمة أنه حيث لا يراد به بيان حد الرضاعة الواقعي قطعاً، ولا حد جوازها تكليفاً كذلك، ولا بيان توقف اكتفاء الصبي على ذلك، إذ قد يكتفي الصبي قبلهما بلا شبهة، تعين حمله على بيان حد الرضاعة شرعاً الذي عليه مدار تحريم النكاح .

لكن الإجماع إنما قام على اعتبار الحولين في الجملة، والمتيقن منه اعتبارهما في المرتضع، لأنه المتيقن أو المنصرف من كلامهم كما سبق. والآية الشريفة لو تم ما ذكره من سوقها لبيان حد محرمية الرضاع للنكاح مختصة بالمرتضع، ولا نظر لها لتحديد محرمية لبن المرضعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

((التقرير))

تقدّم عندنا الكلام في صحيح الفضل بن عبد الملك الذي يتضمّن: " الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم "، ومقتضى الجمود عليه اعتبار الأمرين معاً، وهما عدم الفطام وقبل الحولين وليس فقط قبل الحولين من دون اهتمام بالفطام، فلو فطم ثم بعد ذلك رضع في ضمن الحولين لا يكفي بحسب الجمود على هذه الرواية، ونحن جاوبنا عنها بأنّه لا بدّ من حملها على التأكيد.

وهذا كلّه مبتنٍ على رواية الوسائل، والرواية موجودة هكذا في الكافي وفي التهذيب، لكنّها في الاستبصار بلسانٍ آخر، " قال: لا رضاع بعد الحولين قبل أن يفطم".

ومعنى ذلك أنّ هذا يكون شيئاً أجنبيّاً، فإنّ الرضاع بعد الحولين قبل الفطام يعني إذا بقي الطفل قبل أن يُفطم مستمرّاً بالرضاع بعد الحولين فالرضاع لا يحرّم وهذا أجنبيّ عمّا نحن فيه، وعليه فرواية الاستبصار تعارض رواية الكافي والتهذيب، ولكن في الاستبصار والتهذيب لا يروي الرواية بطريق منفصل عن الكليني، وإنّما يروي الرواية بطريقه عن الكليني يعني عن الكافي، ومع ذلك اختلف النقل بين التهذيب والاستبصار، ففي التهذيبَين رواية الشيخ قدّس سرّه عن الكليني قدّس سرّه اختلف نقله، وفي الوضع الطبيعي عندما ينقل نفس الشخص نقلَين متناقضَين، فإنّ هذا يعني أنّ أحدهما خطأ فيسقط خبره عن الحجّيّة، فتبقى رواية الكافي ليس لها معارض، بل أكثر من هذا، فإنّه في الطبعة الجديدة والتي هي محقّقة على أكثر من سبعين نسخة مخطوطة وكلّها متّفقة على هذا اللسان، فعندما تكون كلّها متّفقة على هذا اللسان، والتهذيب يوافقها فهذا ممّا يوجب الوثوق إلى أنّ الاستبصار نقله خطأ، وهذا الخطأ ليس بغريب فإنّ سبق القلم من المؤلّف ما أكثره.

فالعمدة ما سبق وهو أن نبني على أنّ هذه الرواية للتأكيد خصوصاً بلحاظ معتبر حمّاد والذي يقول أنّ المراد بالفطام الحولان، ومعنى ذلك أن الفطام ليس بالمعنى العرفي بل كناية عن وقته فبعد الفطام يعني بعد وقت الفطام، مضافاً إلى ظهور مثل هذا الحكم الشائع الابتلاء بحيث يبعد خطأ الأصحاب به.

بعد أن انتهينا إلى هذا، الجماعة تعرّضوا إلى شيء، وهو أنه هل يعتبر تقدّم الرضاع على الحولين، يعني تمام الرضاع لا بدّ أن يكون قبل الحولين أو يكفي التقارن، فإذا انتهى الرضاع مع الحولين ما هو الحكم؟

قال المحقّق قدّس سرّه في الشرائع والعلّامة في الإرشاد وغيرهما بأنّه إذا حصل التقارن فإنّه كافٍ، وهذا له منشأ، فإنّ الرواية تقول " لا رضاع بعد فطام " فإن المانع من تأثير الرضاع هو الفطام والذي هو عبارة عن الحولين كما سبق فحينئذٍ إذا لم يحصل بعده وإنّما حصل معه فلم يخرج عن الحولين فمقتضى القاعدة يشمله وتبقى عمومات الرضاع خمس عشرة رضعة محرّمة فحينئذٍ العمومات تقتضي الصحّة.

نعم عندنا رواية عبد الملك والتي تتضمّن هذا المضمون " الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم " فجعل عنوان قبل وليس في الحولين، ويوجد أيضاً بعض معاقد الإجماعات تتضمّن قبل الحولين.

لكن من المعلوم أنّ هذا الإجماع وهذه الرواية متفرّعة على حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله، لأنّه هو الأصل في تشريع هذا الحكم وهي الرواية المشهورة المعروفة " لا رضاع بعد فطام " فكلّها تريد أن تشير إلى هذه الرواية فعندما تشير إلى هذه الرواية معنى ذلك أنه يوجد تسامح في التعبير وإلّا فإن الرواية عليها المعوّل لأنّها الأصل في التشريع، وهم في كثيرٍ من الموارد يعبّرون بقبل والمقصود من قبل يعني قبل انتهائه في مقابل بعده وليس في مقابل معه، فالرواية الأصليّة والتي هي الأساس والمرويّة بطرق متعدّدة عنه صلّى الله عليه وآله وعن الأئمّة الباقين صلوات الله عليهم تتضمّن هذا اللسان " لا رضاع بعد فطام "، فالمانع هو البعديّة وهنا لا يوجد عندنا بعديّة فإنّه مع التقارن لا بعديّة، وعليه يتعيّن تأثير الرضاع كما ذكره في الشرائع وأيضاً ذكره في الإرشاد وغيرهما حيث تعرّضوا لذلك وأَنّه لا يعتبر التقدّم وإنّما يعتبر عدم التأخّر فقط، فالمرتضع يجب أن يكون قبل الحولين يعني في مدّة الرضاع الذي يتمّ به الرضاع " لمن أراد أن يتمّ الرضاعة ".

قال الماتن قدّس سرّه: دون ولد المرضعة

فإذا المرضعة مستمرّة الحليب وابنها تجاوز السنتَين وبقي حليبها وأرضعت من هو دون السنتين، فحينئذٍ في المرتضع القيد محفوظ، وهو في الحولين وفي لبن المرضعة، فإنّه بدأ من الولادة واستمرّ إلى ما بعد الحولين، فمعنى ذلك أنّ ابن المرضعة بعد الفطام، بينما المرتضع قبل الفطام فهنا ما هو الحكم؟

السيّد قدّس سرّه قال ليس له أثر، كما هو صريح ابن ادريس في السرائر وجماعة من بعده وظاهر كلّ مَن أطلق لأنّ الرضاع محرّم للمرتضع، فعندما لم يذكر متعلّق الفطام فينصرف للمرتضع، فكلّ مَن يتعرّض ويقول الرضاع قبل الفطام يعني الرضاع المحرّم وهو رضاع المرتضع وليس رضاع ولد المرضعة، فحينئذٍ يتعيّن أن ينصرف كلامهم إلى رضاع المرتضع، لأنّه عندما يأتي الحولان ولم يذكر متعلّقهما فينصرف للمرتضع، فبين مَن صرّح وبين من لم يصرّح وبعضهم أطلق، وظاهر الإطلاق هو أنّه بعد أن كان موضوع التحريم رضاع المرتضع فعندما يقول بعد الفطام يعني فطام المرتضع.

وبعبارة أخرى وإلّا فمضيّ الحولين من حين الولادة قد لا يكون مورداً لفطام ولد المرضعة لموته، فإنّه في بعض الأوقات المرأة يموت ابنها بعد شهر، فلا رضاع بعد فطام المستفاد منه لَيس بعد فطام ولد المرضعة فإنّه قد يموت قبل السنتين، فالذي عليه الفطام لا بدّ أن يكون المرتضع الذي يكون الشرط فيه وإلّا ولد المرضعة قد يموت قبل السنتين، مضافاً إلى ما ذكرناه من أنّ حذف المتعلّق ظاهر في رجوعه للمرتضع.

بل هو كالصريح من قوله عليه السلام في معتبر الفضل بن عبد الملك المتقدّم " الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم " فضمير " يفطم " لا بدّ أن يرجع إلى المرتضع وليس إلى ولد المرضعة، فإنّ الرواية تقول قبل أن يفطم وليس قبل الفطام، وهذا كاستظهار من الأدلّة.

مضافاً إلى أنّ الجماعة هذا الشرط ذكروه في المرتضع وهو شرط في المرتضع بلا إشكال، وإنّما الكلام في أنّه هل هو شرط في ولد المرضعة أو لا؟ فحينئذٍ عندما يقول " لا رضاع بعد فطام " فما هو دليلهم على أنّه لا بدّ من كون المرتضع في الحولين هو " لا رضاع بعد فطام، " فمعنى ذلك أنّ المراد بالفطام فطام المرتضع ولا يوجد احتمال أنّ المراد بالفطام الأعمّ من المرتضع وولد المرضعة، فإنّ الفطام هنا مطلق ولم يذكر متعلّقه وإرادة مطلق الفطام ولو من امرأة أخرى ومن حليب آخر غير مقصود قطعاً، وعليه فليس المراد مطلق الفطام ليعمّهما معاً وإنّما المراد بالفطام فطامٌ معيّنٌ وليس مطلق الفطام، إذ لا إشكال في أنّه إذا كانت المرضعة ما زالت في ضمن الحولين والولد أيضاً في ضمن الحولين، وفي الأثناء يوجد امرأة فطمت ابنها فهذا لا دخل لنا به، فمعنى ذلك أنّ الفطام ليس باقياً على عمومه والمراد بالفطام فردٌ معيّنٌ، فالأمر يدور بين فردين، تارةً يوجد قدر جامع عرفيّ بين فطام المرتضع وفطام ولد المرضعة حتى نقول المراد بالفطام هذا الجامع العرفيّ بينهما، ولا يوجد عندنا جامع عرفيّ بين ولد المرضعة وبين المرتضع.

وعليه فإمّا أن يكون مطلق الفطام أو فطام شخص واحد، ومطلق الفطام غير مراد فلا بدّ أن يكون المراد شخصاً واحداً، ولا يوجد قدر جامع بين فطام المرتضع وولد المرضعة عرفيّ عندنا، فمعنى ذلك أنّ المراد بالفطام هو فطام شخص واحد إمّا المرتضع أو ولد المرضعة بينهما ولا إشكال في أنه في المرتضع يعتبر ذلك ودليله هذه الرواية، فمعنى ذلك أن المراد بالفطام هو فطام المرتضع وليس فطام ولد المرضعة.

فنحن هنا عندنا أحد أمرين، إمّا أن نحمل الفطام على المطلق، أو نحمله على القدر الجامع بينهما، أو نحمله على أحدهما بخصوصه، والمطلق قطعاً غير مراد، ولا جامع بين ولد المرضعة والمرتضع عندنا، فلا بدّ أن يكون المراد فطام شخص واحد وهذا الشخص إما المرتضع أو ولد المرضعة، واستدلال الجماعة على اعتبار الحولين في المرتضع يكشف عن إرادة المرتضع وليس ولد المرضعة، فتارة يكون عندنا مطلق الفطام حتى نقول بأنّه يشمل المرتضع وولد المرضعة، ولكن ليس المراد مطلق الفطام، أو المراد القدر المشترك بينهما فأيضاً لا يوجد حتى يكون هو المقصود، فيبقى عندنا أحدهما والأول قطعاً مُراد، لأن الجماعة فهموا من الرواية هذا المعنى واستدلوا بها فعليه يكون هو المراد والدليل في المقام، فالمراد في المقام بعد أن كان إطلاقه على عمومه قطعاً ليس بمراد وتخصيصه بولد المرضعة والمرتضع لَيس له وجه لأنه لا يوجد عندنا جامع عرفي بينهما فلا بدّ أن يكون أحدهما والأول قطعاً مراد لأن الجماعة لا يوجد عندهم غير هذا الدليل والروايات تتضمّنه، فلا بدّ أن ذاك غير مراد فولد المرضعة اعتبار الفطام فيه بلا دليل، وعليه فهذا لَيس مورداً للإشكال ولا ينبغي التوقّف في ذلك، وهذا الذي عليه المشهور.

ولكن اشترط أبو الصلاح في محرّميّة الرضاع أن يكون الصبيّ الراضع والصبيّ المرتضع مِن لبن ولادته معاً لدون السنتين، ووافقه في ذلك في الوسيلة والغنية مدّعياً عليه في الثاني إجماع الطائفة، وفي المختلف وقول أبي الصلاح لا يخلو من قوّة فنحن في هذه المسالة من المتوقّفين.

واستدلّ عليه في الغنية بالإجماع، وبقوله تعالى:{ وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَة} ( سورة البقرة آية ٢٣٣)، وحيث لا يُراد به الرضاع الواقعي قطعاً إذ لا إشكال في أنّ المرأة قد تُرضِع خمس سنوات، فالقضيّة ليست قضيّة واقعيّة من باب حدّ عمل خارجيّ وشرط خارجيّ، ولا حدّ جوازها تكليفاً إذ يجوز الرضاع بعد الفطام قطعاً، فتعيّن حمله على بيان حدّ الرضاعة شرعاً الذي عليه مدار تحريم النكاح، وعليه فالرضاع الذي عليه مدار تحريم النكاح أن تكون المرأة ترضع أولادها حولين كاملين في هذين الحولين، فتكون النتيجة أن الرضاع المحرّم هو الرضاع الذي يكون في ضمن الحولَين الكاملَين.

أمّا الإجماع فهذه دعوى عجيبة منه، فإنّ القدر المتيقّن في الإجماع هو أنّ الحولين معتبران قطعاً، لكن لمَن فإنّه مجمل ولسان الإجماع المتيقّن ليس ولد المرضعة وإنّما المرتضع.

وأمّا الاستدلال، وهو أنّ وقت الرضاع المحرّم هو الحولان لكن بالنسبة لمن؟ هل للمرتضع أو لابن المرضعة، فالمرتضع يرتضع رضاعه في ضمن الحولين وليس أكثر لكن الذي هو شرط في محرّميّة الرضاع ولد المرضعة أو المرتضع، فإنّ الرضاع المحترم هو في الحولين لكنّه لمن هل هو بالإضافة إلى المرتضع أو لولد المرضعة، ولا يوجد عندنا إلّا رواية " لا رضاع بعد فطام"، وهي التي تفسّر لنا المقصود، وذكرنا بأنّ ظاهرها المرتضع وليس ولد المرضعة وعليه فكيف يستفاد ذلك من الآية الشريفة؟

فالاستدلال بالآية الشريفة لم يتّضح.

لكن الإجماع إنّما قام على اعتبار الحولين في الجملة، والمتيقّن منه اعتبارهما في المرتضع، لأنّه المتيقّن أو المنصرف من كلامهم كما سبق، والآية الشريفة لو تمّ ما ذكره من سوقها لبيان حدّ محرّميّة الرضاع للنكاح مختصّة بالمرتضع، - وهذا دخل آخر - فقوله تعالى " لمن أراد أن يتمّ الرضاعة " الظاهر منه يعني الذي ينبغي للطفل أن يحتاجه هو هذا المقدار، أمّا محرّميّته للرضاع خلاف الظاهر، فهو يفسّر " لمن أراد أن يتمّ الرضاعة "، يعني لبيان الرضاع المحرّم، ولكن لا يوجد عندنا هكذا رواية والآية لَيس فيها محرّم وإنّما فيها الرضاع الذي يستكمل به الولد حقّه في الرضاع هو حولَان كاملَان وليس أكثر من هذا، لكن هو فرضها أنّ ناظرة إلى محرّميّة الرضاع، وعليه فطبيعي تكون النتيجة أن يأتي إشكاله، ولكن نسأل المحرّميّة بلحاظ من، هل هي بالإضافة إلى المرتضع أم بالإضافة الى ولد المرضعة؟ وقطعاً المراد المرتضع لأنّه المتيقّن من كلماتهم، فهذا أيضاً لا دليل عليه - ولا نظر لها لتحديد محرّميّة لبن المرضعة.

فالشخص الذي يرتضع إذا يتمّ رضاعه يتمّ بالحولين وقطعاً هذا الشرط بالنسبة للمرتضع معتبر وبالنسبة لولد المرضعة أجنبيّ عنه، فالاستدلال منه غريب.

فالآية أوّلاً لا تدلّ على هذا وإنّما هي ناظرة إلى أنّ حاجة الطفل للرضاع هي في الحولين، ويوجد عندنا نصوص تدلّ على هذا بحيث من الإثم حرمان الولد من الرضاع، فالولد بطبيعته يحتاج للرضاع في الحولين ولا يُحرم منه، ولا ترتبط الآية بمحرّميّة الرضاع للنكاح، ولكن لو تنزّلنا وقلنا بأنّها بهذا الصدد لكن هي إلى أيّ شيءٍ ناظرة، هل هي ناظرة لولد المرضعة أنّ محرّميّته شرط أو المرتضع شرط أن يكون مدّة رضاعه في الحولين، فبعد الحولين الرضاع غير محرّم لكنّ الحولين بالإضافة لمن، هل لولد المرضعة أو للمرتضع؟ فإنّه للمرتضع قطعاً ولولد المرضعة لا يوجد عندنا دليل، فاستدلاله عجيب.

 


[1] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج2، ص260.
[2] الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص20.
[3] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج3، ص23.
[4] جامع المقاصد، المحقق الثاني (المحقق الكركي)، ج12، ص220.
[5] رياض المسائل، الطباطبائي، السيد علي، ج11، ص144.
[6] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج29، ص300.
[7] السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، ابن إدريس الحلي، ج2، ص519.
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص285.
[9] الوسيلة، ابن حمزة الطوسي، ج1، ص301.
[10] المقنعة، الشيخ المفيد، ج1، ص335.
[11] مختلف الشيعة، العلامة الحلي، ج7، ص15.
[12] بقره/سوره2، آیه233.