الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

41/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصوم/المعذورون / في استحباب القضاء عن الميت او عدم مشروعيته

قلنا قد يستدل لعدم الاستحباب ـ ليس فقط بعدم الدليل على مشروعية القضاء ـ بل بالدليل على عدم مشروعيته:

كصحيح ابي بصير عن ابي عبد الله عليهالسلام قال: "سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه، قال : لا تقضي [يقضى] عنها، فإن الله لم يجعله عليها، قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك؟ قال : كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها"فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم"[1]

بتقريب: ان قوله عليه السلام: "لا يقضى عنها فان الله لم يجعله عليها" ان ضمير "يجعله" يعود للقضاء فيكون الضمير في قوله عليه السلام فيما بعد: "كيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها" عائدا على القضاء فيكون ظاهرا في عدم مشروعية القضاء.

واعترض صاحب الجواهر[2] (ره) هذا التقريب باحتمال ان يكون مراد الامام ع بقوله: "لا تقضي [يقضى] عنها ، فإن الله لم يجعله عليها" منع القضاء عنها بعنوان كون القضاء ثابتا عليها وان فعل القاضي لإبراء لذمتها منه ـ شأن الوصية بالقضاء ـ ولم يمنع ع من الاتيان بالصوم على جهة النيابة بحيث يكون الصوم لها، وكأنه واقع منها.

بل جعل (ره) هذا هو المشار إليه بقول الامام (عليه السلام): "فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم"، حيث فهم منه ظهور كون المراد الصوم لنفسك عنها أي لا لوصيتها الباطلة لا ان المراد الصوم لنفسك ثم إهداء الثواب إليها. فيدل على مشروعية النيابة .

وفيه ان حمل قوله: "لا تقضي عنها" على المنع من القضاء بعنوان كونه ثابتا عليها وتفريغا لذمتها خلاف الظاهر جدا، فان تلك الفقرة بقرينة قول ع :" كيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها " الذي هو استفهام استنكاري على اشتهائه للقضاء عنها ظاهر جدا في نفي جعل القضاء وتشريعه فتدل على عدم مشروعيته.

ومثله حمل قوله ع: "فإن اشتهيت..." على مشروعية النيابة وانه لا بأس بأن تصوم نيابة عنها لنفسك لا بداعي وصيتها.

فالإنصاف ان التقريب المذكور لا مفر منه.

ولو اغمضنا النظر عن دلالة الرواية على عدم المشروعية وقلنا بإجمالها يكفي عدم الدليل على مشروعية القضاء، فلا يمكن الحكم بالاستحباب.

قد يقال: بأن المستفاد من إطلاق ادلة مشروعية القضاء كقوله تعالى ﴿فمن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر ...﴾ بضميمة ما دل على مشروعية النيابة في القضاء نصل الى مشروعية قضاء النائب فيما نحن فيه فيكون القضاء مستحبا كما ذكر المصنف، ولا ينافيه النصوص المتقدمة النافية للقضاء، لأنها بين ما يدل على عدم وجوبه على الميت وما يدل على عدم وجوبه على النائب فلا تدل على عدم مشروعية القضاء منهما.

لكن الانصاف ان الآية الشريفة لا إطلاق لها يشمل صورة عدم قدرة المكلف على القضاء لان قوله تعالى: ﴿فعدة من ايام اخر﴾ ظاهر في القضاء من قبل المكلف نفسه لا من قبل غيره وحيث لم يتمكن المكلف من القضاء فلا يدل الاطلاق على انشغال ذمته بالقضاء كي يشرع قضاء النائب.

واستدل للقول الاول: بأنه طاعة فعلت عن الميت فوصل اليه ثوابها.

واجيب: بانه ليس الكلام في جواز التطوع بالصوم وإهداء ثوابه الى الميت، بل في قضاء الفائت عنه، والحكم بشرعيته يتوقف على الدليل لأن الوظائف الشرعية إنما تستفاد من النقل ولم يرد النقل بذلك، بل مقتضى الأخبار المتقدمة عدم مشروعية القضاء.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج10، ص333، أبواب احكام شهر رمضان، باب23، ح12، ط آل البيت.
[2] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج17، ص23.