الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

41/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الصوم/المعذورون /ويلزمهماالقضاء سواء اضر الصوم بهما ام بالولد

وتقضيان[1] (1) ـ

____________________

(1) في المستمسك "على المشهور وعن الخلاف دعوى الإجماع عليه"[2] . ونسب الخلاف وعدم وجوب القضاء الى سلار وعلى بن بابوية، كما نسب الى ظاهر الصدوق في المقنع، وحكي عن المرتضى عدم ذكر القضاء فيهما.

ويشهد للمشهور ـ مضافا الى اطلاقات ادلة وجوب القضاء ـ صحيح محمد بن مسلم المتقدم، ومكاتبة ابن مهزيار المروية عن المستطرفات، قال: "كتبت إليه أسأله يعني علي بن محمد (عليه السلام) ان امرأة ترضع ولدها وغير ولدها في شهر رمضان فيشتد عليها الصيام وهي ترضع حتى غشي عليها ولا تقدر على الصيام ترضع وتفطر وتقضي صيامها إذا أمكنها أو تدع الرضاع وتصوم، فان كانت ممن لا يمكنها اتخاذ من يرضع ولدها فكيف تصنع؟ فكتب ‌إن كان يمكنها اتخاذ ظئر استرضعت لولدها وأتمت صيامها، وإن كان ذلك لا يمكنها أفطرت وأرضعت ولدها وقضت صيامها متى ما أمكنها"[3] .

فانهما صريحان في وجوب القضاء. فلا وجه لما ذهب اليه سلار ووالد الصدوق من عدم القضاء.

هذا وقد احتمل السيد الخوئي (ر) وغيره ان مدركهما في نفي القضاء هو ما في صحيح محمد بن مسلم من قوله ع: "لا تطيقان الصوم" فكأن الرواية تشير الى الاية الشريفة ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين﴾، وحيث كان مقتضى الاية لزوم الاطعام دون القضاء فيكون ظاهر الرواية ثبوت الاطعام عليهما دون القضاء.

ومن الظاهر ان سلار ووالد الصدوق لو كان هذا مدركهما، فهو لا ينفع في ما اختاراه من عدم لزوم القضاء، اذ مضافا ـ الى ما عرفت من تصريح الصحيحة في الذيل بلزوم القضاء والتصدق ـ ان الرواية تضمنت قوله ع: "لا تطيقان الصوم" بينما الاية تضمنت ﴿الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ فهما مختلفان اثباتا ونفيا، فكيف يكون مدلولهما واحد وهو نفي القضاء. لو اريد من الاطاقة فيهما معنى واحد.

كيف ولو تمت هذه الاستفادة فهي لا تعدو كونها اشعار باخذ حكم الاية وهو نفي القضاء. لكنه لا يقاوم التصريح الوارد في الصحيح بلزوم القضاء.

نعم قد يستدل لهما بخبر ابن مسكان عن محمد بن جعفر قال: "قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقو على الصوم. قال: فلتتصدق مكان كل‌ يوم بمد على مسكين"[4] .

وذلك بالاستفادة من الأمر بالفداء عدم وجوب القضاء.

وفيه: أولا: ان الرواية واردة في صوم النذر ونحوه، فهي اجنبية عن مسألتنا المختصة في صوم شهر رمضان، فعدم وجوب القضاء في أحدهما لا يستلزم عدمه في الآخر.

وثانيا: مع الغض عن ذلك، فان الرواية أضعف دلالة من الصحيح والمكاتبة لتصريحهما بوجوب القضاء بينما استفادة نفي القضاء منها لمجرد عدم ذكره. هذا مضافا الى ان ظهور الرواية في عدم وجوب القضاء يتوقف على كون النذر وشبهه معين وانه قبل الحمل كي يكون الحمل مانعا من أدائه فينتقل الى القضاء، والا جاز التأخير الى ما بعد الحمل فلا موضوع للقضاء، اللهم الا ان يقال: باستفادة ذلك من امر الامام ع بالصدقة.

لكن هذا وغيره يدل على ضعف دلالة الرواية على عدم لزوم القضاء فلا تقوى على معارضة الصحيح والمكاتبة كي يجمع بينهما بحمل القضاء فيهما على الاستحباب.

فالمختار ما اختاره المصنف من لزوم القضاء عليهما.


[1] تبصرة المتعلمين في أحكام الدين، العلامة الحلي، ج1، ص69.
[2] مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت، الحكيم، السيد محسن، ج8، ص450.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج10، ص216، أبواب من يصح منه الصوم، باب17، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج10، ص216، أبواب من يصح منه الصوم، باب17، ح2، ط آل البيت.