الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرابع: الإصباح جنباً من غير تعمد هل يوجب البطلان؟

 

هذا وقد تتبعت النصوص الامرة بالقضاء فوجدت ما وقعت عليه منها واردة في عدة موارد:

منها: مصرح بالتعمد فقط.

كصحيح الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام انه قال: "في رجل احتلم أول الليل، أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح، قال: يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه"[1] .

وهذا لا يمنع من الإصباح جنباً من غير تعمد.

ومنها: مصرح بالتعمد والكفارة.

كصحيح أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام "في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، قال: وقال: إنه حقيق إن لا أراه يدركه أبدا"[2] .

وهذا أيضا لا يمنع من الإصباح جنباً من غير تعمد.

ومنها: مصرح بالكفارة فقط.

كمعبرة سليمان بن حفص (جعفر) المروزي، عن الفقيه عليه السلام قال: "إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم، ولا يدرك فضل يومه"[3] .

ورواية إبراهيم بن عبدالحميد، عن بعض مواليه قال: "سألته عن احتلام الصائم؟ قال: فقال: إذا احتلم نهارا في شهر رمضان (فلا ينم) حتى يغتسل، وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه ولن يدركه أبدا"[4] .

وهذا كسابقيه لان الكفارة لا تثبت الا بالعمد.

ومنها: مصرح بالنسيان.

كصحيح إبراهيم بن ميمون قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان فنسى أن يغتسل حتى تمضي بذلك جمعة، أو يخرج شهر رمضان ؟ قال: عليه قضاء الصلاة والصوم"[5] .

وهذا مثلها لما اشرنا له سابقا انه استثناء خاص كنسيان النجاسة في الصلاة فلا يمنع من الإصباح جنباً من غير تعمد.

ومنها: مصرح بانه في جوف الليل وقد علم بالجنابة.

كموثق سماعة بن مهران قال: "سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر ؟ فقال: عليه أن يتم صومه ويقضي يوما آخر"[6] .

وهذا لو لم يكن عمدا فهو مناسب للعمد جدا.

ومنها: ما يكون مفصلا بين حالتين:

1 _ ان يقضي بعد النومة الثانية دون الأولى.

كصحيح معاوية بن عمار قال: "قلت لابي عبدالله عليه السلام: "الرجل يجنب في (1) أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ؟ قال: ليس عليه شيء، قلت فانه استيقظ ثم نام حتى أصبح ؟ قال: فليقض ذلك اليوم عقوبة"[7] .

وهذا استثناء خاص ومع ذلك هو مناسب للتعمد، فلا يمنع من الإصباح جنباً من غير تعمد.

2_ ان يحتلم ثم يستيقظ ثم ينام فيقضي بعد الاستيقاظ لا قبله.

كصحيح ابن أبي يعفور قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: "الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم يومه ويقضي يوما آخر، وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له"[8] .

وكأن عدم القضاء لعدم علمه او عدم تعمده للجنابة، فيناسب جدا كون القضاء للتعمد لو لم نقل ظاهر فيه، فلا يمنع من الإصباح جنباً من غير تعمد.

3- ان يجنب فينام ثم يستيقظ فلا يحصل على الماء فيقضي قبل الاستيقاظ لا بعده.

كصحيح محمد بن مسلم المتقدم وتمامه: "قال: سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتم صومه ويقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي يومه"[9] .

فان قوله: "الا ان يستيقظ..." ظاهر في ان مجرد العذر رافع للحكم بالقضاء، ولا تخفى مناسبته لكون الحكم بالقضاء في صدر الرواية كان للتعمد.

وحيث عرفنا ان نصوص الامر بالقضاء بين صريح او ظاهر او مناسب للتعمد فهي اخص من النصوص المسوغة للإصباح جنبا، فيتعين حمل النصوص المسوغة على صورة غير التعمد جمعا بينهما.

هذا مضافا الى التسالم على ان مفطرية المفطرات مختصة بصورة وقوعها عن عمد.

والمتحصل هو ان الإصباح جنباً من غير تعمد في رمضان لا يوجب البطلان.


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص63، الباب16، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح1.
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص63، الباب16، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح2.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص63، الباب16، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح3.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص64، الباب16، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح4.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص65، الباب17، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح1.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص62، الباب15، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح5.
[7] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص61، الباب15، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح1.
[8] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص61، الباب15، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح2.
[9] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص62، الباب15، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح3.