الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فرع يتعلق بالبقاء على الجنابة.

فرع يتعلق بالبقاء على الجنابة.

هل تعم مفطرية تعمد البقاء على الجنابة صوم غير رمضان؟

قال في الجواهر: "ظاهر المشهور كما اعترف به في الحدائق عدم الفرق في الفساد بالبقاء عمدا على الجنابة بين شهر رمضان وغيره من أفراد الصوم الواجب معينا أو غيره والمندوب،

ضرورة عدهم له في سلك غيره من المفطرات التي لا يختلف فيها أفراد الصوم،

ثم حكى بعضهم الإجماع على ما هو من جملتها من دون إيماء إلى التفريق بينه وبين غيره،

لكن في المعتبر "ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام[1] " قلت: كأنه أخذه من اختصاص نصوص المقام على كثرتها فيه، ولا قياس يقتضي التعدية"[2] . وحكى في الحدائق عنهم قريب منه.[3]

وفي المنتهى قال: "هل يختصّ هذا الحكم برمضان؟ فيه تردّد ينشأ من

تنصيص الأحاديث على رمضان من غير تعميم، ولا قياس يدلّ عليه،

ومن تعميم الأصحاب وإدراجه في المفطرات مطلقا"[4] .

وينبغي ان نوقع الكلام في اكثر من مورد:

الأول: هل البقاء على الجنابة من المفطرات في قضاء شهر رمضان؟

ما عرفت من القول المشهور، يقتضي مفطريته.

ويشهد به أولا: قاعدة إلحاق القضاء بالأداء، لاتحادهما في الماهية، والاختلاف بينهما في وقت الامتثال لا غير. والتي دلت عليها بعض النصوص اللهم الا ان يقوم الدليل على خلافها.

وثانيا: بعض النصوص المتقدمة وغيرها:

منها: موثقة سماعة قال: "سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر؟ فقال عليه أن يتم صومه ويقضى يوما آخر. فقلت إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان؟ قال فليأكل يومه ذلك وليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور"[5] .

ودلالته واضحة لان قوله ع "فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور" بلحاظ قوله ع "أن يتم صومه ويقضى يوما آخر" اذ يريد منه الإمساك الى الليل لأنه من أيام شهر رمضان فلا يسوغ له استعمال المفطرات فيه كما ذكرنا ذلك سابقا، فراجع.

ومنها: صحيح عبد اللّه بن سنان: "أنه سأل أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل يقضي شهر رمضان، فيجنب من أول الليل، ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع. قال (ع): لا يصوم ذلك اليوم، و يصوم غيره"[6] .

وهذه الرواية وان تضمنت "وهو يرى أن الفجر قد طلع" مما يعني دخول الفجر قبل النية فيكون المانع من الصوم دخول النهار قبل النية لا البقاء على الجنابة، الا انه لو سلم ظهور الصحيح بذلك فقد عرفت ان وقت النية في القضاء يستمر الى الزوال.

ومنها: صحيحه الآخر: "كتب أبي إلى أبي عبد اللّه (ع) ـ وكان يقضي شهر رمضان ـ وقال: إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة، فلم أغتسل حتى طلع الفجر. فأجابه (ع): لا تصم هذا اليوم، وصم غداً"[7] .

وهي دالة على مفطريته وتضمنه لعبارة "إني أصبحت بالغسل" وان كانت قلقة الا انها تمنع من ظهور الرواية بالبقاء على الجنابة فيكون المنع لذلك.

ومن هنا تعرف الاشكال فيما عن الذخيرة من "أن دلالة هذه الأخبار على البطلان وعدم الانعقاد غير واضح"[8] .

كما تعرف أيضا الاشكال فيما ذكرناه من كلام المعتبر "ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام " ومن تردد المنتهى.

وذلك لوجود النصوص الدالة على المفطرية في قضاء شهر رمضان. اللهم الا ان يريدا من رمضان الاعم من الأداء والقضاء. فيكون المستثنى غيرهما.


[1] المعتبر، للمحقق، ج2، ص656.
[2] جواهر الكلام، للجواهري، ج16، ص240.
[3] الحداق الناضرة، للبحراني، ج13، ص121.
[4] منتهى المطلب، للعلامة الحلي، ج9، ص79. وفي الحدائق، للبحراني، ج13، ص121.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص67، الباب19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم. ح3.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص67، الباب19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم. ح.1
[7] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص67، الباب19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم. ح2.
[8] الحدائق الناظرة، للبحراني، ج13. ص122.