الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: متى يصدق الاكل والشرب ومتى لا يصدق؟

بقي شيء: وهوانه متى يصدق الاكل والشرب ومتى لا يصدق؟

لا اشكال في عدم صدق الاكل والشرب اذا لم يصل الشيء الى المعدة (الجهاز الهضمي) كما لو وضع مغذ في الوريد.

كما انه لا اشكال في صدق الاكل والشرب على ما يصل الجوف من طريق الفم.

هذا وقد توسع سيدنا الجد (ره) فاستظهر عموم صدقهما عرفا على ما يدخل الجوف من طريق الحلق.

وهو لا يخلو من اشكال، كيف وقد استشكل هو على مدعي صدق الاكل والشرب على ما يصل إلى الجوف بغير طريق الفم؟ بان "دعوى: صدق الأكل و الشرب بذلك غير ظاهرة، لتقومهما بالفم، و إطلاقهما على غير ذلك مسامحة بلحاظ ترتب الغاية"[1] .

وتابعه على ذلك السيد الخوئي (ره) مدعيا "عدم دخل الطريق العادي في صحة إطلاق الأكل و الشرب المتقوم بحسب الصدق العرفي بدخول شي‌ء في الجوف من طريق الحلق سواء أ كان ذلك على النهج المتعارف أم غيره"، وان "مجرد الغلبة الخارجية لا تستدعي الانصراف بنحو يعتد به في رفع اليد عن الإطلاق"[2]

وبعد ان بنى على ان "العبرة بدخول الحلق و عدمه كيفما كان" استشهد (ره) على ذلك بصحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: "سألته عن الصائم هل يصلح له أن يصب في اذنه الدهن؟ قال: إذا لم يدخل حلقه فلا بأس"[3] .

وفيه: اما دعوى ظهور الاكل والشرب عرفا بما يدخل الجوف من خلال الحلق. فجوابه ما عرفت من جواب سيدنا الجد (ره) وما ذكره سيدنا الجد نفسه من ان اطلاق الاكل والشرب مسامحة بلحاظ ترتب الغاية.

وعليه لا يبقى وجه لدعوى اختصاص صدق الاكل والشرب بخصوص الحلق بل لو صدق الاكل على عموم ما يدخل الجوف من خلال الحلق للزم صدقهما على جميع ما دخل الجوف ولو من غير طريق الحلق كما لو جعل منفذا من البطن ال الجوف ونحوه.

واما استشهاده بصحيحة علي بن جعفر، ففي غير محله لان الاذن ذاتا لا تتصل بالمعدة ولا بالحلق، فاذا صب فيها شيء فلا يخرج منها الى غيرها. نعم قد يعرض مرض فتثقب الاذن فيوجب ذلك نزول الدهن الى الحلق لأنه ليس له مخرج الا الى الحلق لأنه الى جانب ممر الاذن.

اذا عرفت هذا فسؤال السائل عن حكم صب الدهن في الاذن ظاهر في كون السؤال ليس بلحاظ حكم نزوله الى الحلق او المعدة، وانما هو بلحاظ حكم الصب في الاذن بمعزل عن انتقاله الى الحلق وعدم انتقاله، والسر في الشك ان الصب في الاذن يوجب دخول الدهن في ممرات الاذن وهي داخل بدن الانسان أي في الراس فيسأل هل يضر ذلك بالصوم او لا. كما هو ظاهر عدة روايات وردة بذلك

كخبر ليث المرادي قال: "سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن ؟ قال: لا بأس، إلا السعوط فانه يكره"[4] .

فانه ظاهر في السؤال عن حكم الحجامة والصب في الاذن من حيث هما مع قطع النظر عن صدق الاكل وعدم صدقه وعن نزوله للحلق وعدمه.

وعليه يكون حكم الامام ع بعدم البأس اذا لم يدخل الحلق بلحاظ ان الدهن لم يتعدى الاذن فاذا تعداها فحيث لا يخرج من الاذن الا الى الحلق لأنه ليس له ممر الى المعدة الا من خلال الحلق فيحكم بمفطريته.

فذكر الحلق لمجرد بيان تعدي الدهن من الاذن في قبال ما لو لم يتعد الاذن. وليس لبيان ان صدق الاكل لا يكون الا اذا مر المأكول من خلال الحلق

ومن هنا لو فرض وضع مسلك من الاذن الى المعدة لا يمر بالحلق فلا ظهور في الرواية في عدم صدق الاكل عليه لو فرض صدق الاكل عليه لو كان وصوله الى المعدة من خلال الحلق.

وبالجملة لا ظهور للرواية في التفريق بين الوصول الى المعدة من خلال الحلق او الوصول من ممر آخر.

ومما يزيد الامر وضوحا ما لو وصلت المعدة بالفم رأسا فلا يظن بالسيد الخوئي (ره) ان يلتزم بان الاكل الواصل الى المعدة لا يصدق عليه الاكل لمجرد عدم مروره بالحلق.

ومما ذكرنا يظهر الاشكال في ما ذكره صاحب العروة (ره) حيث قال بصدق الاكل على الواصل الى المعدة من خلال الانف.

فالظاهر انه كغيره من الطرق بعد ان عرفت تقوهما بالفم خاصة.

 


[1] مستمسك العروة الوثقى، للسيد الحكيم، ج8، ص238.
[2] مستند العروة الوثقى، الصوم، ج1، ص107.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص73، باب24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح5.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج10، ص73، باب24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح3.