الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/01/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الموضوع: ابتلاع بقايا الطعام

المشهور ان ابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين الأسنان يبطل الصوم، وفي الجواهر: "قولا واحدا عندنا". وعن المدارك والحدائق عدم البطلان.

ويشهد للمشهور إِطلاق الأدلة الدالة على مفطّرية الاكل.

وقد يستدل للثاني اولا: بعدم تسمية بقايا الطعام أكلا لقلتها.

وفيه: عدم الاشكال في كونه اكلا مهما قل. فان مجرد بقائه فترة بين اسنانه لا يغير شيئا في صدق الاكل جزما فشأنه شأن الطعام الجديد الداخل الى الفم.

ويستدل ثانيا: بصحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشيء أ يفطر ذلك؟ قال (عليه السلام): لا، قلت: فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟ قال (عليه السلام) لا يفطر ذلك"[1] .

فاذا جاز بلع القلس كانت بقايا الطعام مثله.

وفيه اولا: ما حكاه اكثر من واحد من ان هذا الصحيح لم يعمل به في مورده.

وثانياً: ان القلس حيث يخرج من الجوف فهو بما يخرج من الصدر او ينزل من الرأس ونحوهما اشبه، لأنها على وتيرة واحدة، فمن المناسب ان يأخذ حكمها،

واما التعدي الى ما نحن فيه فليس من مناسبة تقتضيه.

اذ المناسبة المحتملة ان كانت بلحاظ كونه من جنس الطعام فغير خفي ان ما لم يدخل الفم من الطعام مثله وهو مفطّر،

وان كانت المناسبة قلته فلا يصدق عليه الاكل، فقد عرفت صدق الاكل على القليل، على ان مقتضى اطلاق الصحيح عدم الفرق بين القليل والكثير لان "القلس: ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليس بقيء" كما في كتاب العين وغيره. فهو شامل للقليل والكثير

وثالثاً: ان قول السائل: " فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟" يمكن ان يكون المراد به أصل اللسان الملتصق بالحلق فلا يصل القلص الى فضاء الفم كي يكون مفطرا،

كما يمكن ان يكون الازدراد بلا اختيار فلا يكون مفطرا كما هو الغالب في القلس، واليه يشير موثق عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): "عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثمّ يرجع الى جوفه وهو صائم فقال (عليه السلام): ليس بشيء".

ولعله لهذا ونحوه لم يستفصل الامام ع في صحيح ابن سنان خصوصا مع اشمئزاز النفس من القلس بحيث يبعد ان يتعمّد أحد بلعه خصوصا الصائم. فيكون الصحيح منصرفا الى صورة عدم التعمد او عدم الوصول ال الفم.

وبملاحظة هذا كله لا يبقى وجه للتعدي من مورد الرواية لما نحن فيه. ولا اقل من الشك في وحدة المناط فيهما فيمتنع التعدي وقياس احدهما على الآخر

والمتحصل: مفطرية بقايا الطعام الذي بين الاسنان.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج10، ص89، باب بطلان الصوم بتعمد القيء، ووجوب قضائه، ح10.