الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستدلال بصحيحة عليّ ابن مهزيار الطويلة – وجواب الدليل الثالث

واما قوله (عليه السلام) في صحيحة عليّ ابن مهزيار الطويلة: "فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام"[1] . فقد تقدم ان المراد منها ظاهرا هو الاستمرار والدوام. لكن لما كان التعبير عن ذلك بقوله ع: "فهي واجبة عليهم في كل عام" ولم يقل في كل الاعوام كما لم يقل ع: فهي واجبة عليهم بحصول الفائدة أو بمضي سنة عليها. خصوصا إذا ضممنا الى ذلك كلامه المتقدم والذي هو في ذيل الرواية فانه بعد ان ذكر ان الخمس واجب في الضياع والغلات في كل عام بيّن ان الوجوب في كل عام إذا تمت شرائطه. فلا يبعد ان يستكشف من مجموع ذلك ان الخمس واجب في كل عام مع تمامية شرائط الوجوب فتكون ظاهرة في أن الخمس لا يلحظ في كل فائدة فائدة، بل في مجموع فوائد السنة وأرباحها، فيتكرر إخراجه بلحاظ السنين، لا بلحاظ الفوائد، وذلك يناسب كون المؤنة المستثناة هي مؤنة السنة التي تلحظ فيها مجموع الفوائد والأرباح، لا مؤنة كل ربح بحياله.

ومن هنا يشكل ما ذكره السيد الخوئي (ره) حيث قال: "ولكنك خبير بعدم كون الصحيحة ناظرة إلى الضم ولا الى عدمه وانما هي بصدد التفرقة بين الغنائم وغيرها، حيث انه عليه السلام أسقط الخمس في سنته تلك عن جملة من الموارد واكتفى في بعضها بنصف السدس. واما في الغنائم والفوائد فلم يسقط خمسها بل أوجبه بكامله في كل عام. واما كيفية الوجوب من ملاحظة الأرباح منضمة أو مستقلة فهي ليست في مقام البيان من هذه الناحية بتاتا فلا دلالة لها على ذلك ابدا"[2] .

لكنك عرفت سابقا ان ما اوجبه الامام الجواد ع في صدر الرواية لم يكن من الخمس المعهود وانما اوجب أمورا في تلك السنة وهي سنة وفاته لظروف خاصة كما تشير له الرواية واما قوله ع: "فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام" فهي بلحاظ الخمس المعهود ولذا طبقه ع على الآية الشريفة وبيّن بعض موارده ونحن حيث نعلم ان بعض اقسام الخمس لا يجب في كل عام حملنا قوله ع: "في كل عام" على استمرار وجوبه. لكن ما ذكرنا من القرائن في صدر كلامنا يمكن ان يستشعر منها كون خمس فاضل المؤنة مؤنته بلحاظ مجموع أرباح سنة الربح وليس بلحاظ كل ربح ربح فان أمكن استفادة ذلك منها فهو والا فهي لبيان دوام وجوبه. ويكفينا حينئذ ما تقدم من النصوص التي عرفت دلالتها على كون المؤنة مؤنة مجموع السنة.

والمتحصل ان النصوص ايضا دالة على القول الأول.

واما دليلهم الثالث المتقدم ومحصله انه لا وجه للتفريق بين الوجوب في فاضل المؤنة وبين الوجوب في المعادن والكنوز والغوص فيجعل في الأول متعلقا بمجموع الأرباح وفي الثاني متعلقا بكل ربح ربح.

فجوابه ان ادلة الوجوب في الجميع واحدة وهي تقتضي الانحلال لولا ان ادلة استثناء المؤنة ظاهرة في استثناء مؤنة السنة دون كل ربح ربح. فاختص الحكم في هذا القسم لاشتراط الوجوب فيه بما زاد على المؤنة ولم يشترط ذلك في غيره.


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص502، باب8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح5.
[2] مستند العروة الوثقى، للسيد الخوئي، كتاب الخمس، ص241.