الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعرض للأقوال وادلتها في المسألة.

وكيف كان فقد اختار الاول صاحب الحدائق فقال: "ولا يعتبر الحول في كل تكسب بل مبدأ الحول من حين الشروع في التكسب بأنواعه فإذا تم الحول خمس ما بقي عنده"[1] . ومثله عن الدروس[2] ، واستحسنه في الذخيرة[3] ، واستجوده في الجواهر[4] وعن محكي المدارك والكفاية والكركي الميل اليه.

واختار الثاني الشهيد في الروضة والمسالك حيث قال فيه: "وإنما يعتبر الحول بسبب الربح فأوله ظهور الربح فيعتبر منه مئونة السنة المستقبلة. ولو تجدد ربح آخر في أثناء الحول كانت مئونة بقية حول الأول معتبرة منهما، وله تأخير إخراج خمس الربح الثاني إلى آخر حوله، ويختص بمؤنة بقية حوله بعد انقضاء حول الأول وهكذا، فإن المراد بالسنة هنا ما تجددت بعد الربح لا بحسب اختيار المكتسب"[5] . وحكي عن كشف الغطاء ايضا.

وقد يستدل للثاني بوجوه:

الاول: أن الأرباح المتدرجة في الزمان متعددة حقيقة، فملاحظتها أمراً واحداً محتاج إلى عناية. وقرب ذلك السيد الخوئي (ره) "بان المستفاد من الآية المباركة... وكذا الروايات الدالة على ان الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير ان الحكم انحلالي، فكل فرد من افراد الربح والفائدة موضوع مستقل لوجوب التخميس كما كان هو الحال في المعادن والكنوز".

الثاني: أنه لا بد من تقييد الأرباح بالسنة على الوجه الأول، مع أنه لا قرينة عليه. بخلاف الوجه الثاني.

الثالث: من جهة ما تقدم في الغوص والمعدن والكنز، من البناء على ملاحظة كل فرد مستقلا موضوعاً للحكم مع التعدد عرفاً. ولا يظهر الفرق بينهما وبين المقام.

اما الاول: فمن الظاهر: انه لا اشكال في كون الحكم انحلالي، والظاهر ان مقصود القائلين بالنحو الاول ليس هو ضم الارباح بعضها الى بعض بحيث تكون ربحا واحدا متعلقا لوجوب الخمس وما قد يظهر من ذلك من بعض التعبيرات فلعله يراد منه تقريب المعنى. والله العالم.

وعلى أي حال فان الحكم الانحلالي لا يمنع من الالتزام بالنحو الاول، وذلك لان اختلاف النحوين يتعلق بما يستفاد من أدلة استثناء المؤنة من آلية استثنائها وكيفيتها وان السنة المأخوذة فيها على أي من النحوين؟ هل هي على نحو مؤنة مجموع السنة او على نحو مؤنة سنة كل ربح ربح. واما ادلة أصل وجوب الخمس فلا دخل لها بمحل الخلاف اصلا فالأشكال لا يقدم ولا يؤخر[6] .

واما الثاني: فالظاهر ان النحو الاول وان استلزم التقييد بالسنة الا انه لابد منه أولا: لأن البناء على الثاني يستوجب ملاحظة مقدار المؤن ـ الواقعة فيما بين الأرباح ـ وضبطها على نحو يعلم كيفية التوزيع وذلك حرج شديد في أكثر أنواع الاكتساب. لا سيما في مثل الصانع الذي يربح في كل يوم أو في كل ساعة شيئاً. ولو وجب مثل ذلك لزم الهرج والمرج، ولكثر السؤال واستيضاح الحال على نحو لا يبقى على مثل هذا الإهمال والاشكال، فدل عدم ذلك على عدمه. ولذا قال في الجواهر: "قد يدعى القطع به ـ يعني بالأول ـ في نحو الصنائع المبني ربحها على التجدد يوماً فيوماً أو ساعة بعد أخرى .."[7]

 


[1] الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، للبحراني، ج‌12، ص354.
[2] الدروس الشرعية، للشهيد الأول، ج1، ص259.
[3] ذخيرة المعاد، للسبزواري، ج2، ص484.
[4] جواهر الكلام، للجواهري، ج16، ص82.
[5] مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، للشهيد الثاني، ج‌1، ص468‌.
[6] موسوعة الامام الخوئي، السيد أبوالقاسم الخوئي، ج25، ص244.
[7] جواهر الكلام، للجواهري، ج16، ص81.