الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ردنا على المستمسك ـ في مؤنة السنة هل هي مجموعية او انحلالية

قلنا ان النقطة الأساس التي نريد ان ننبه لها هي ان ما ذكره (ره) من ان الاطلاق المقامي يقتضي الحمل على سنة الربح العلة فيه هو ظهور قولهم ع: "الخمس بعد المؤنة" بسنة الربح والا لما تم إطلاق مقامي. مع إقراره واقرار جمع ممن تعرض لذلك بوجوده. فيكون اقرارا بظهور عبارة "الخمس بعد المؤنة" في مؤنة سنة الربح لا العمل، وكفى بها دليلا في المقام، وموضحة لظاهر النصوص التي ذكرها كخبر علي بن شجاع، وصحيح ابن راشد، وصحيح ابن مهزيار، وان ظاهرها سنة الربح لا العمل لتضمنها للعبارة المذكورة، من دون أي مانع او صارف لها عن معناها الظاهرة فيه، ومجرد ورودها في الزراعة والصناعة والتجارة لا يصلح لصرفها عن ظاهرها كما هو غير خفي. فإقراره (ره) بوجود الاطلاق المقامي لا يجتمع مع دعوى دلالة النصوص المزبورة على سنة العمل.

على ان كلامهم ـ وان كان الاظهر كون المراد منه سنة الشغل ـ الا ان حمله على سنة الربح غير مجازفة. لأنهم بصدد نفي كون المؤنة بلحاظ كل ربح ربح وانما هي بلحاظ السنة[1] وليسوا بصدد كون السنة هي سنة الربح او سنة العمل.

 

الكلام في مؤنة السنة هل الملحوظ فيها مجموع المؤن لمجموع الفوائد او لكل فائدة مؤنتها على حدة.

تحدثنا عن استثناء المؤنة وعرفت ان المستثنى مؤنة السنة، كما تحدثنا عن مبدا سنة المؤنة وعرفت ان مبدأ سنة المؤنة ظهور الربح لا الشروع في الكسب. فلا باس ان نتكلم تبعا للأصحاب عن الية استخراجها. فانهم كما اختلفوا في مبدأ السنة اختلفوا في الية استخراجها ـ بعد فرض تعدد الارباح ـ على نحوين:

الاول: ان تفرض الفوائد والارباح في مجموع السنة كأنها كتلة واحدة وفي المقابل تفرض المصاريف والمؤن كأنها كتلة واحدة ايضا فيستثنى مجموع المؤن من مجموع الارباح ويخمس الزائد.

الثاني: ان يفرض لكل ربح سنة خاصة به تبدأ من حين حصوله الى نهاية سنة ذلك الربح فما صرف منه مؤنة يستثنى ويخمس الباقي.

وفي العجالة ـ كما ذُكرـ يظهر الاثر العملي بين النحوين في موردين:

"في المؤن المصروفة بين الربحين إذا كان أكثر من مقدار الربح الاول، كما إذا ربح في اوّل محرم عشرة دنانير وفي اوّل رجب ثلاثين دينارا، وصرف ما بينهما في مئونته عشرين دينارا مثلا، فانه على التصور الاول تستثنى هذه المئونة آخر السنة من مجموع الربحين، فيفضل لديه عشرون دينارا، وخمسها أربعة دنانير. بينما على التصور الثاني لا يمكنه ان يستثني عشرة دنانير الزائدة من مئونته من ربحه الثاني، لانّ المئونة المستثناة عن الربح انما هي مئونة ما بعد الربح لا ما قبلها، وهذه المئونة بحسب الفرض قبل الربح الثاني، فلا يمكن استثناؤها منه، فيجب عليه آخر السنة خمس ثلاثين دينارا، وهذا يعني انه في هذا المورد يكون الاوفر بحق المكلف الحساب الاول.

في تخميس الربح المتأخر وعدمه، إذا فضل عن المؤنة بعد انتهاء سنة اول ربح. فلو فرضنا انه كان يربح في كل شهر ما يكون بقدر مئونته الا انه اتفاقا ربح في آخر شهر من سنته ما هو اكثر من مئونته، كما اذا كان يربح في كل شهر عشرة دنانير ويصرفها في مئونته ولكنه ربح في شهر ذي الحجة مائة دينار فزاد عنده تسعون دينارا، وجب عليه خمسها بمجرد دخول شهر محرم بناء على التصور الاول المجموعي، واما بناء على التصور الثاني يمكنه ان يصرفه في مؤناته القادمة حتى شهر ذي الحجة القادم، لأنّ مبدأ سنة هذا الربح انما هو شهر ذي الحجة، فلا تزال سنته باقية، وهذا يعني انه في هذا المورد يكون الاوفر بحق المكلف الحساب الثاني"[2] .


[1] الحدائق الناضرة، الشيخ يوسف البحرانی، ج‌12، ص354‌.
[2] كتاب الخمس، للشاهرودي، ج2، ص204، بتصرف.