الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الأوامر : مادة الأمر (منشأ ظهورها في الوجوب)

ويناقش بأن الفرق بين الأمر الإرتكازي وغيره ليس في ظهورها وخفائها على العوام أو الخواص , فإن كثيرا من الأمور الارتكازية لا يتوجه اليها الخواص فضلا عن العوام وقد يستغرق الإلتفات اليها قرونا من التطور العلمي حتى تنالها بعض الأفكار وتذعن بها العقول كما كان الاصوليون يحسبون لمدة مديدة أن العام بعد تخصيصه مجاز لأنه لم يستعمل في معناه الحقيقي , بل في أن الأمر الإرتكازي بعد ادراكه وتشخيصه يدركه ويذعن به كل من يتوجه اليه ويُلفَت نظره اليه بلا مؤونة ولا عناية بل تجد برد القبول عند عامة العقول التي تدركه , ويكفي للتصديق به محض تصوره , وذلك لأن الغفلة فيه انما هي عادة من جهة عدم الالتفات اليه لا من جهة خفائه واحتياجه الى البرهان .

ولا فرق في ذلك بين الخواص والعوام الا من جهة أن إدراك بعض المقدمات لتصويره يكون عسيرا على العوام يسيرا على الخواص وكذا من جهة أن التعبير عنه قد يكون بلغة علمية حافلة بالمصطلحات والصياغات الخاصة لا يفقهها الا أهلها فيعرفها الخواص ويجهلها العوام لا لخلل في المطلب بل لوعورة الطريق اليه .

ولا شك أن الأمر الاستحبابي فيه جهة زائدة على أصل الطلب وهي أن للمأمور به أن يتركه وهذا الأمر فيه مؤنة اضافية على الطلب فلهذا يكون الظاهر من الأمر هو الوجوب بحسب الإطلاق, فإن رجع كلام المحقق العراقي الى ذلك فنعم الوفاق وهو ملائم للارتكاز مقبول لدى من يتصوره على حقيقته .

ومع ذلك فيرد على بعض كلامه مناقشات :

1-أنه ابتلي بالخلط بين مقام دلالة اللفظ ومقام حكم العقل بلزوم الطاعة في الواجب أو حسنها غير الملزم في المستحب وهو لا يناسب ما تقدم تحقيقه من التفريق بين مراتب الحكم وبالأخص مرتبة الانشاء الشرعي ومرتبة لزوم الامتثال أو حسنه غير الملزم فهما مرتبتان مختلفتان وفي ما بينهما مرتبة فعلية الحكم وأخذ المتأخر منهما وهو لزوم الامتثال عقلا في المتقدم واضح البطلان .

فإن لزوم الامتثال في الواجب أو حسنه في المستحب فرع تحقق الوجوب أو الاستحباب فكيف يؤخذ اللازم المتفرع في حقيقة الملزوم المتقدم .