الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :مراتب الحكم : مرتبة الامتثال

وقد يكون منه حكم من ادرك من الوقت ركعة و حكم من سها فجهر في موضع الاخفات او اخفت في موضع الجهر .

واشكل منه من صلى جهرا او اخفاتا وهو جاهل بلزوم الجهر في موضع والاخفات في موضع كما في ما رواه الشيخ في كتابيه بسنده الى حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه أو اخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أولا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته[1] .

فالبناء على تخصيصه لأدلة وجوب الجهر والاخفات يستلزم منه أخذ العلم بلزوم الجهر والاخفات مثلا في موضوع وجوبهما فيستلزم الدور وذلك

لانه لا خفاء في توقّف العلم بوجوب الجهر والإخفات على نفس الوجوب ، فلو كان الوجوب أيضا متوقّفا على العلم به كما هو المفروض يلزم الدور .

الامر الذي لا يجري ان بنينا على كون الدليل متصرفا في مقام الامتثال فقط

وقد لا يختلف الامر من الناحية العملية سواء رجع التصرف الى أصل الحكم او الى مقام الامتثال في غالب الموارد فانه لا يترتب عليه اثر عملي ملموس .

ولكن الأمر يرتبك عندما لا يمكن البناء على كون التصرف في نفس دليل الحكم لوجود مانع من ذلك كما في ما اذا كان يستلزم أخذ العلم بالحكم في نفس الحكم كما في هذا المورد وايضا في الاتمام في موضع القصر الذي ورد فيه ايضا صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام : رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا ؟ قال : إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد ,وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه[2] .

فهذان الموردان قد استثنيا عند المشهور من القاعدة في المخالفة عند ترك الفحص التي تقتضي الإعادة في الوقت عند انكشاف الخلاف ، لبطلان العبادة عند عدم اداء المامور به تاما, ولازم الاستثناء هو عدم الإعادة ولو كان الوقت متسعا بعد تبيّن الخلاف .

وقد التزم المشهور - أيضا - بصحة ما اتى به من العبادة الناقصة مع أنها ليست بمأمور بها, ولا يمكن أن تكون مأمورا بها, وذلك لأن الامر بالاتمام في حال السفر للجاهل بوجوب القصر يستلزم عدم اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل بل يختص وجوب القصر بالمسافر الذي يعلم بوجوبه ويختص وجوب التمام بالمسافر الذي يجهل بوجوب القصر في السفر .

ولذلك استشكل على المشهور باشكالين .

الاشكال الأول : هو ان العبادة الناقصة التي التزم المشهور بصحتها لا تخلو : اما ان لا يكون فيها أمر فكيف حكموا بصحتها مع أن العبادة لا تصح من دون قصد الامر ؟ وان كان فيها امر فلابد وأن يكون تعيينياً ، لوضوح كون امر الفريضة تعيينيا لا تخييرياً .

الاشكال الثاني : هو ان المشهور كما عرفت أفتوا بعدم الإعادة مع اتساع الوقت وتبيّن الخلاف ، مع التزامهم باستحقاق العقوبة على المخالفة مع التقصير في الفحص والمفروض اتساع الوقت، فمن صلى تماما في موضع القصر - مثلا - ثم انكشف الخلاف له وان فرضه كان القصر لا إعادة عليه وان اتسع الوقت للإعادة ، وحيث إن الاتمام لا أمر به ، والامر متعلق بالقصر وهو الطبيعة بين الحدين من الزوال - مثلا - إلى المغرب ، فكيف يحكم المشهور بعدم الإعادة مع التمكن بإتيان ما امر به في وقته فان التمام الذي اتى به ينبغي ان يكون بحكم عدم الاتيان بشيء لفرض عدم الامر به إذ لا فرق بين عدم الاتيان أصلا وبين الاتيان بغير المأمور به

والحاصل : ان حكم المشهور بصحة الصلاة في الموردين ينافي كونها لا امر بها وقوله عليه السّلام - في الخبر - قد تمت صلاته ، يقتضي ان هناك أمراً بها .

ولكن كل ذلك يمكن دفعه بما تقرر من أن للمولى أن يتعبد بالامتثال أو يرفع لزوم الاطاعة بعد ادائه للناقص جهلا فتأمل جيدا .

 


[1] الاستبصار، الطوسي الشيخ محمد بن الحسن، ج1 ص313، تهذيب الاحكام، الطوسي الشيخ محمد بن الحسن، ج2 ص162.
[2] تهذيب الاحكام، الطوسي الشيخ محمد بن الحسن، ج3 ص226.