الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : جواز الغناء في الاعراس وحدوده

قد يقال إن دخول الرجال على المغنية أخذ فرضا مقابلا لفرض الغناء في الأعراس وليس قيدا لغنائها في الاعراس فقد يستفاد منه أن الدخول المناسب لحال العرس لا محذور فيه فان غنت المغنية وكان العريس وبعض ذويه حاضرين في حال زفاف العروس لم يكن في ذلك بأس فالغناء في الأعراس وكل ما يتحقق في أطاره مما يكون مشمولا بإطلاق الجواز ومنه استماع الرجال ودخولهم ان كان من شؤون العرس فقط كما في دخول ابوي العروسين وأمثالهما.

وهو ما يلوح من عبارة سيدنا الجد قدس سره في المتن (وغناء النساء في الأعراس إذا لم يضم اليه محرم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل ودخول الرجال على النساء وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهيج الشهوة وإلا حرم ذلك)[1] .

فإنه لم يقيد الجواز بعدم سماع الرجال للغناء على كل حال بل قيده في حدود ما يوجب الوقوع في الحرام وهو يدل على الجواز في ما عدا ذلك .

وتابعه على ذلك السيد الخوئي قدس سره لفظا ومضمونا , وكذا السيدان الروحانيان والشيخ الوحيد وقريب من لفظه الشيخ الفياض في رسالته والسيد الأستاذ في بعض اجابات استفتاءاته .

وكذا الشيخ الاستاذ التقي البهجت فقال: (نعم قد يستثنى غناء المغنّيات في الأعراس إذا كان متعلَّقاً بالكلام الغير الباطل)[2]

أما السيد السيستاني فلم يقيد ايضا لكنه استشكل في أصل المطلب وقال : (وقد يستثنى من الغناء المحرم : غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل ودخول الرجال على النساء وسماع أصواتهم على نحو يوجب تهيج الشهوة ولكن هذا الاستثناء لا يخلو عن اشكال)[3] .

ولم اظفر من المعاصرين بمن قيد جواز الغناء في الاعراس بعدم استماع الرجال اليهن سوى الشيخ الصافي.

3- المراد من الاعراس ظاهرا هو الليلة التي تزف فيه الزوجة لزوجها فلا يندرج فيه الاحتفالات الاجتماعية التي تسبق العرس كما في احتفالات الخطبة والعقد وغيرها .

نعم لو أخذنا برواية علي بن جعفر لاتسع العنوان الى حد بعيد وشمل كافة الافراح ولكن تقدم أن هذه الرواية تعارض عامة روايات حرمة الغناء فلا يمكن الأخذ بها ظاهرا , خصوصا مع هجر الاصحاب لمضمونها واجماعهم على عدم العمل بظاهرها والله العالم .

4- تسجيل غناء المرأة في الاعراس لا يبرر استماعه في ما بعد ذلك لأن المجوز للغناء وللاستماع ظاهرا هو نفس مناسبة العرس وبالخروج عنها يرتفع قيد الجواز فتكون عمومات الحرمة محكمة, وعدم الابتلاء بهذا المصداق في تلك العصور وغفلة العرف عنه بنحو مطلق ليس مانعا من التمسك بالإطلاق عند الإلتفات اليه فالإطلاق ليس جمع القيود بل هو رفض القيود فمادام عنوان الغناء المحرم والاستماع اليه ليس مقيدا الا بالأعراس فلا يمكن تسريته الى الاستماع بعد العرس .

والا فيلزم على من يدعي ذلك أن يحرم الاستماع في الاعراس الى التسجيل الغنائي الذي سجل في غير الاعراس لان المناط إن كان على وقت التسجيل لا وقت الاستماع فلا بد من الالتزام به في ما يحل وما يحرم والا فهو تحكم .

5- وأما اقتران الغناء بالموسيقى فهو محرم ظاهرا لوجهين:

أحدهما : رواية علي بن جعفر فإنها اشترطت في جواز الغناء في العيدين والفرح ان لا يزمر به .

ولا يقال أنها لا يمكن الاخذ بها بعد ثبوت منافاتها للأخبار والاجماع فإن ذلك يمكن ان يندفع بإمكان التفصيل في الحجية بين مضامين الرواية وحرمة التزمير الذي قد يستفاد منه حرمة اقتران الغناء بكافة الآلات الموسيقية لا منافاة بينه وبين النصوص والاجماع على حرمة الغناء بل هو مناسب لها جدا .

ثانيهما : العمومات الدالة على حرمة الات اللهو التي لم يرد فيها الاستثناء في الاعراس ولا تصلح روايات استثناء الغناء في الاعراس لإخراجها من موضوعها وجعلها مخصصة لعمومات حرمة الات اللهو .

وما يقال من أن الغناء مقترن مع الموسيقى عادة فما يجوزه فهو يجوز مقارناته ليس كافيا لان الغناء لي مقترنا مع الموسيقى دوما في تلك العصور بل الغناء بلا موسيقى شائع جدا


[1] 10منهاج الصالحين، الطباطبائي الحكيم، السيد محسن، ج2 ص.
[2] وسيلة النجاة، الشيخ محمد تقي بهجت، ج1 ص416.
[3] 11منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي، ج2 ص.