الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الطائفة السابعة : ما دل على حرمة ثمن المغنية وأجرها

(تتمة في رواية الطاطري )

نعم قد يكون الانصاف أنه يمكن الاعتماد على رواية الشيخ عنه في استفادة ان الراوي هو سعد بن محمد الطاطري الشخصية المعروفة فقد روى في الاستبصار عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن سعد بن محمد الطاطري عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله رجل عن بيع جواري المغنيات ؟ فقال : شراؤهن وبيعهن حرام وتعليمهن كفر واستماعهن نفاق .[1] .

ومع وحدة الرواية ومطابقتها تماما لما في الكافي في ماعدا موضع الاشكال يكون التردد والتوقف في نسبة الرواية الى الشخص المجهول في احدى النسخ والى الشخص المعروف في النسخة الأخرى أشبه بالتردد بين الاخذ بالخطأ والصواب مع العلم أن الشخص المجهول يشبه اسمه الشخص المعروف في النسخة الأخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار من بنى من الاعلام - ممن ذكرناهم - على هذه النسخة فيترجح ذلك جدا في الظن المعول عليه عند العقلاء في أمثال هذه الموارد ويتم السند فتأمل .

وأما أبوه فيدخل في الطاطريين فتثبت وثاقته كما تقدم آنفا عن الشيخ أن الطائفة عملت برواياتهم .

و أما الدلالة فهي صريحة في حرمة البيع والتعليم والاستماع, ويقتضي ذلك بحسب مناسبات الحكم والموضوع كون الغناء فعلا محرما اذ لا يتناسب هذا التغليظ والتشديد الا مع المحرمات والبناء على حرمة هذه العناوين الثلاثة دون حرمة نفس الغناء لأنه لم يصرح به ضرب من الخروج الصارخ على الذوق العرفي.

ولهذا لا ينقضي التعجب من المحقق الأردبيلي ره بعد أن ذكر الرواية هذه ونسبها الى سعد بن محمد الطاطري مع غيرها من الروايات العديدة حيث يقول :(ولكن ما رأيت رواية صحيحة صريحة في التحريم ، ولعل الشهرة تكفي ، مع الأخبار الكثيرة ، بل الاجماع على تحريم الغناء )[2]

 

4ـ في الكافي عن أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن نصر بن قابوس قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : المغنية ملعونة ، ملعون من أكل كسبها .[3]

والظاهر من الحسن بن علي هو ابن فضال وحاله واضح وكذا حال الاشعري فهو ثقة كما صرح به النجاشي رحمه الله .

واسحاق بن ابراهيم وان كان قد روى عنه ابن قولويه في كامل الزيارات الا انه مشترك ولم يتسن لنا الجزم بتعيينه وان كان غالب المشتركين بالاسم من اصحاب الصادق ونستبعد ان يكون الراوي هنا من اصحابه لأن نصر بن قابوس اللخمي القابوسي روى عن أبي عبد الله وأبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا عليهم السلام . وكان ذا منزلة عندهم .[4]

ومنزلته عندهم سلام الله عليهم لازمة للوثاقة لعدم الظفر بتوثيق ومن البعيد أن احد اصحاب الصادق يروي خبرا عن احد الشباب من اصحابه عليه السلام فان نصرا لا بد ان يكون ادرك الامام في اول عمره فمن القريب جدا ان يكون اسحق في روايتنا هو نفسه الذي روى عنه القاسم بن محمد وانه هو الذي يروي عن الصادق بواسطة واحدة كما في رواية كامل الزيارات وعلى أي حال فالأمر لا يخلو من شوب غموض يسقط معه اعتبار الرواية

والدلالة ظاهرة في حرمة فعل الغناء اذ أن اللعن تعلق بوصف كونها مغنية مضافا للعن من يأكل كسبها .

5ـ ما رواه الصدوق رضوان الله تعالى عليه في كمال الدين حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد [ ت في ] التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام : أما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا ،... الى قوله عجل الله فرجه الشريف : وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، وثمن المغنية حرام "[5]

سند الرواية فيه محمد بن محمد بن عصام الكليني من مشايخ الصدوق - قدس سره - ترضى عليه في المشيخة [6] و أسحاق بن يعقوب لم يرد في حقه توثيق الا ان السيد البروجردي ذكر في طرائف المقال : " إسحاق بن يعقوب ، روى عنه محمد بن يعقوب ، وفي كتاب الغيبة للشيخ توقيع ورد من مولانا صاحب الدار يستفاد منه علو رتبة الرجل" [7] وفي موضع آخر قال : " إسحاق بن يعقوب ، قد ورد فيه توقيع بخط مولانا صاحب الأمر عجل الله فرجه يدل على جلالته ومنزلته عنده عليه السلام"[8] وفي شعب المقال : " روى الشيخ في كتاب الغيبة بطريق صحيح عن الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب توقيعاً من صاحب الزمان صلوات اللَّه عليه وآله خرج على يد محمَّد بن عثمان العمريّ ، يتضمَّن جواب مسائله وفي آخره : ( والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتَّبع الهدى )"[9] . كل هذا مضافا لما ذكرناه من قرائن اخرى على اعتباره في كتاب الإجتهاد والتقليد فراجع .

فالسند معتبر

والدلالة صريحة في حرمة ثمنها وحرمة فعلها للأولوية عرفا .

 


[1] الاستبصار، الطوسي، ج3 ص61.
[2] مجمع الفائدة والبرهان في شرح ارشاد الاذهان، المقدس الاردبيلي، ج8 ص59 .
[3] الكافي الكليني، ج5 ص120.
[4] رجال النجاشي، ص427.
[5] كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ص485.
[6] معجم رجال الحديث، الخوئي، ج18 ص209.
[7] طرائف المقال في معرفة طبقات الرواة، البروجردي ج1ص204.
[8] طرائف المقال في معرفة طبقات الرواة، البروجردي ج1ص227.
[9] شعب المقال في درجات الرجال، ميرزا ابو القاسم النراقي ص242.