الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

37/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مفاد اخبار من بلغ

کنا نتکلم حول ان القسم المقید من اخبار من بلغ هل یقید القسم المطلق و هل یحمل المطلق علی المقید فی اخبار من بلغ ام لا؟ القسم المطلق هو القسم الذی یقول ان من بلغه ثواب علی عمل یعطی ذاک الثواب و القسم المقید یقول من عمله برجاء ذلک الثواب یعطی ذاک الثواب فهل یحمل المطلق علی المقید و بالتالی تختص الاخبار بما اذا عمل المکلف بداعی المطلوبیة و بالنتیجة لا یثبت الامر و الاستحباب النفسی و الذی هو الاحتمال الثانی و قلنا ان ملاکات حمل المطلق علی المقید ثلاثة و بالنسبة الی ما نحن فیه قلنا ان الملاک الاول یرجع الی ذوق الفقیه و سلیقته و لیس امرا فنیا و ان کان راینا هو عدم العلم بوحدة الحکم و احتمال تعدد الحکم

الاحتمال الثانی: و هو عبارة عن کون المفهوم لکلام المقید ینفی اطلاق القسم المطلق و القسم المطلق مثل قوله فعمله کان له ذلک الثواب و القسم المقید مثل قوله فعمله التماسا لذلک الثواب یعطی ذلک الثواب فهل هذا القسم المقید له مفهوم ینفی اطلاق القسم المطلق او لیس له مفهوم؟ هذا یرتبط بان نری کلمة «من» هل هی من ادوات الشرط ذات الدلالة علی المفهوم ام لا؟ ان کانت منها فیتم الملاک الثانی لان هذا الکلام المقید یکون له مفهوم و هو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط فینتفی کون الثواب علیه عند عدم البلوغ او عدم الاتیان بالعمل او عدم داعی المطلوبیة

فحینئذ یکون لهذا الکلام المقید مفهوم ینفی اطلاق القسم المطلق فالقسم المطلق کان یقول ان مطلق من بلغه الثواب علی عمل و عمل ذاک العمل یعطی الثواب و انما یعطی الثواب عند العمل عند الاتیان بداعی المطلوبیة و الانقیاد

هذا اذا کانت کلمة من من ادوات الشرط ذات الدلالة علی المفهوم و ذکرنا عند البحث عن مفهوم الشرط ان مفهوم الشرط یختص بادوات الشرط التی هی متمحضة فی المعنی الحرفی لا ادوات الشرط التی هی من الاسماء فمثل إن تدل علی معنی حرفی و هو ربط الجزاء بالشرط و من نتائج الربط هو المفهوم و اما ادوات الشرط التی هی من الاسماء من قبیل اذا و من و ما هی من الاسماء فانها من الاسماء فاذا کان اسما فلا تفید المعنی الحرفی و هو الربط فاذا لم یکن الکلام دالا علی ربط الجزاء بالشرط من قبیل الجمل الشرطیة المصدرة ب من و ما و اذا التی تکون من الاسماء و لا تکوم متمحضة فی المعنی الحرفی، ان الربط کان من نتائجه المفهوم فقول القائل من کان مومنا فلا تجوز غیبته فهذا لا یدل علی ربط الجزاء بالشرط فانها و ان کانت جملة شرطیة و لکنها لا تدل علی المفهوم لانها لا تربط حرمة الغیبة بکونه مومنا. فاذا ثبت الربط یثبت المفهوم . اذن الادوات الاسمیة تدل علی ان هذه الحصة المعینة من الانسان و هو الانسان المومن جعلت موضوعا لحکم شرعی و هو انه لا تجوز غیبته فالکلام یدل علی ان هناک حکما شرعیا مجعولا علی موضوع معین فحرمة الغیبة مجعولة علی موضوع معین و هو الانسان المومن

فالنتیجة هی انتفاء الحکم بسبب انتفاء الموضوع لیس هو المفهوم المصطلح فان المصطلح هو انتفاء الحکم مع بقاء الموضوع لذا نقول القضایا المسوقة لبیان الموضوع لا تدل علی المفهوم لانها من باب السالبة بانتفاء الموضوع و المفهوم هو انتفاء الجزاء مع بقاء الموضوع

فمثل من کان مومنا فلا تجوز غیبته لا یدل علی المفهوم و اما مثل ان کان مومنا فلا تجوز غیبته یدل علی المفهوم لان من نتائج الربط بین الجزاء و المومن هو انتفاء الحرمة عند انتفاء الایمان بخلاف ما اذا کانت الاداة مثل من و اذا و ما التی هی من الاسماء و لا تدل علی الربط

فیدل قولنا من کان مومنا فلا تجوز غیبته علی ان الانسان المومن تحرم غیبته من باب جعل الحکم علی الحصة الخاصة

و مقامنا من هذا القبیل یعنی القسم المقید من الاخبار یقول من بلغه ثواب علی عمل فعمله التماسا لذلک الثواب کان له ذلک الثواب فهذه مصدرة بمن و لا یکون مصدرة بإن فلا تدل علی الربط بین الجزاء و الشرط حتی نستنتج علی المفهوم و انما تدل علی جعل الحکم و هو اعطاء الثواب علی الحصة الخاصة و هو الانسان الذی یبلغه ثواب علی عمل و یاتی بذاک العمل برجاء هذا الثواب و هذا غیر المفهوم

فاذا انتفی بلوغ الثواب او انتفی العمل ینتفی الحکم من باب انتفاء الحکم

اذن فالملاک الثانی لحمل المطلق علی المقید غیر متوفر لان القسم المقید من الاخبار لیس له مفهوم لان هذا القسم مصدر بالاداة الشرطیة الاسمیة فلا یکون له مفهوم و تحقیقه فی مبحث مفهوم الشرط و لذا قلنا ان القضایا من هذا القبیل قضایا مسوقة لبیان الموضوع مثل ان رزقت ولدا فاختنه و لا یکون لها مفهوم

ففی هذا القضایا لا یوجد ما یدلنا علی الربط لان هذه الهیئة تدل علی ثبوت الجزاء علی الشرط مثل الجمل الحملیة التی تدل علی ثبوت المحمول علی المفهوم مثل الماء حار، طبعا ان الحکم مرتبط بالمفهوم و لکن هذا الربط لا یدل علی المفهوم

فانتفاء الحکم بانتفاء الموضوع لا ینفعنا لاننا فی باب المفاهیم نحتاج الی ربط من لوازمه الانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط و هذا الانتفاء یکون الدال علیه هو الاداة التی هی من الحروف

فلا یوجد الملاک الثانی فی هذا المقام

الملاک الثالث: هو ان نقول بما قاله بعض الاعلام من انه یستحیل اجتماع حکمین مماثلین علی موضوعین احدهما مطلق و الآخر مقید فاذا قلنا بالاستحالة فلا یعقل ان یکون هناک وجوبان: وجوب عتق الرقبة و وجوب عتق الرقبة المومنة، لان الوجوبین متماثلان و لا یعقل اجتماعهما علی موضوعین یختلفان بالاطلاق و التقیید

فاذا استحال تعدد الحکم فیکون الحکم واحدا و هذا الحکم الواحد قد جعل فی الدلیل الاول علی الرقبة و فی الدلیل الثانی علی الرقبة المومنة فیتعارضان و یحمل المطلق علی المقید بملاک الجمع العرفی

و هذا الملاک غیر ثابت فیما نحن فیه لانه لم یثبت لدینا ان القسم المقید بصدد بیان مثل الحکم الذی ورد فی القسم المطلق من الاخبار فانتم تقولون باستحالة اجتماع حکمین و الحال عدم اثبات وجود مثلین. فیجب اولا ان القسم المقید بصدد بیان مثل الحکم الذی ورد فی القسم المطلق

لان القسم المقید مقید بان یاتی الانسان بالعمل الذی بلغ الثواب علیه برجاء المطلوبیة لا مطلقا و من دون التماس ذلک الثواب فهذا القسم لا یدل علی الاستحباب النفسی و لا یدل علی ان العمل مستحب و الاحتمال الثانی و هو جعل الاستحباب الواقعی النفسی علی العمل بعنوانه الثانوی بحسب تفکیر اصحاب هذا القول

هذا التقریب لاثبات النفس یقول اننا نثبت الاستحباب من باب ملازمة الثواب و الامر فان الثواب یعطی استحقاقا و الاستحقاق لا یوجد فیما لا یکون الامر فوجود الثواب یستلزم وجود الامر بقانون الملازمة

و اورد الاشکال بانه یوجد ملاک آخر للثواب غیر وجود الامر و هو داعی الانقیاد لان الانقیاد ملاک مستقل للثواب و لو لم یکن امر فی الواقع فاذا اعتقد المکلف خطا ان العمل الفلانی ماموربه فعمله فیثاب علی انقیاده و لو کان العمل مستحبا فالانقیاد ملاک مستقل للثواب

و فی هذه الاخبار یوجد ملاک آخر للثواب و هو داعی الانقیاد فلا یلازم وجود الثواب، تحقق الامر، اذن فالاخبار المقیده المختصة بالحصة الانقیادیة لا یثبت الاستحباب النفسی و انما تکون ارشادا الی حکم العقل و هو حسن الانقیاد الذی هو فی مقابل التجری الموجود فیه استحقاق العقاب

فیحتمل ان یکون مفاد الاخبار المقیدة الارشاد الی حکم العقل

فالملاک الثالث غیر تام فیما نحن فیه

و بهذا تم الکلام فیما یتعلق بالتقریب الثانی لاثبات الاحتمال الثانی و هو الاستحباب الواقعی للعمل بعنوانه الثانوی

فلم یتم شیء من التقریبین لاثبات الاستحباب النفسی باخبار من بلغ فی مقابل الاحتمال الثالث

فلم نجد ما یدل علی الاحتمال الثانی فی مقابل الاحتمال الثالث و هو جعل الحکم الظاهری و هو الاحتیاط الاستحبابی و احتمال ان تکون الاخبار بصدد جعل استحباب الاحتیاط و ملاک جعل هذا الحکم هو حفظ الملاکات الواقعیة الموجودة فی موارد الشک کما شرحناه سابقا و هو حفظ الاستحبابات الواقعیة المشتبهة عند المکلف فیجب الاحتیاط حفظا لها

و للبحث صلة تاتی انشاءلله