الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

37/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وثاقة الراوي و موثوقيّة الرواية
کنا ندرس مناشئ الشک فی صدق خبر الثقه و کذبه و ذکرنا المنشأ الاول و انتهینا الی المنشأ الثانی و هو عباره عن الشک فی جانب المزاحم الداخلی للوثاقه. ان للوثاقه مزاحما داخلیا و هو عباره عن داعی الکذب الذی یزاحم دائما الوثاقه فان الثقه احیانا یحصل له داع الی الکذب مثل الفلوس یعطی له للکذب و المقام و الجاه مقابل الکذب. المنشا الثانی من مناشئ الشک هو الشک فی اصل وجود المزاحم فی الشخص الثقه ای الشک فی وجود الداعی علی الکذب او العلم بوجود الداعی الی الکذب لکن نشک فی نسبة هذا الداعی الی الوثاقه و لا ندری کیف نسبتهما؟ و لا ندری هل وثاقته اقوی ام ان الداعی علی الکذب اقوی و اغری من وثاقته؟ فلا ندری النسبه لاننا نشک فی درجه الوثاقه فمثلا ان کانت درجه وثاقته سبعین بالمئه و درجة الداعی خمسین بالمئه تغلب الوثاقه علی المزاحم و لکن اذا شککنا فی درجه الوثاقة نشک فی نسبة الداعی الی الکذب
هنا یوجد فرضان لا بد من دراستهما واحد بعد الآخر
الفرض الاول: ان یفرض ان هذا الخبر الذی جاءنا به الثقة الذی وضعه کذا، لم یحصل لنا الوثوق و الظن بصدقه
و الفرض الثانی: ان یفرض حصول الظن والوثوق بخبره
فماهو حکم هذین الفرضین:
حکم الفرض الاول: اما فی الفرض مثل ما اذا عرفنا و علمنا لو وجد فی هذا المورد لدی هذا المخبر الثقة داعی الکذب لکان هذا الداعی غالبا علی وثاقته لانه لا یصمد امام المغریات و لکننا لا ندری هل یوجد المغری و داعی الکذب او لا؟ و لذا نشک فی صدق خبره او لاننا و ان لم نشک فی اصول وجود داعی الکذب عنده لکن نشک فی ان درجة وثاقته هل هی اقوی من درجة داعی الکذب و لاندری ایهما اقوی؟ او مثلا افرضوا لا نشک فی اصل وجود داعی الکذب و ندری درجة الوثاقة و درجة داعی الکذب و ندری ان الوثاقة غالبة و لکن نحتمل فی لحظة نقله هذا الخبر عرضت علیه حالة نفسانیة جعلت وثاقته مغلوبة لداعی الکذب و فی لحظة انهار و طرءت علیه الانهیار و لکن ندری ان درجة وثاقته غالبة علی داعی الکذب
علی کل حال فی کل هذه الفروض یاتی هذا السوال و هو هل ان خبر هذه الثقه حجه رغم انه لم یحصل لنا الوثوق و الظن بالصدق من خبره او لیس بحجة
قد تقولون لیس بحجة لانه لم یحصل الوثوق و قد تقولون بالحجیة لانه ثقة
الجواب الصحیح ان هذه الحجیة و عدم الحجیة یترتبان علی ان نعرف ان وثاقة الراوی التی ذکرناها بالامس یعنی الحالة النفسانیة التی جعلت فی ادلة الحجیة شرطا للحجیة وموضوعا لها هل اخذ شرطا بما هی صفة نفسانیة ام بما هی کاشفة کشفا ظنیا عن الواقع لان وثاقة الانسان فیها جنبتان: الجنبة الاولی هی حالة نفسانیة و من جهة اخری ان هذه الحالة النفسانیة تکشف کشفا ظنیا للآخرین عن صدقه و هو طریق ظنی الی الواقع فیکشف الآخرون الواقع من خلال خبره.
فهل ان الوثاقة جعلت شرطا للحجیة بما هی حالة نفسانیة ای لها موضوعیة فاخذت شرطا حتی لو لم تکن للوثاقة الجنبة الثانیة فالشارع عند ما جعل خبر الثقة حجة لا بما انها یکشف الواقع کشفا ظنیا بل بما ان هذا الانسان ثقة فهذا معناه ان الوثاقة لها موضوعیة او الشارع جعل خبر الثقة حجة لا بما ان الوثاقة حالة نفسانیة بل بما ان الوثاقة تکشف کشفا ظنیا؟ فکشف هذه الوثاقة هو الموضوع فمعناه ان الوثاقة اخذت شرطا بما انها تکشف الواقع. فهل اخذت بنحو الاول او بنحو الثانی؟
ان قلنا بالاول فهذا الخبر فی ما نحن فیه یکون حجة لان راویه ثقة والوثاقة افترضناها بما هی صفة نفسانیة و هذه الحالة محرزة فی هذا الانسان و الکشف لم یلاحظ فی الوثاقة المجعولة شرطا للحجیة
ان بنینا علی ان الوثاقة جعلت موضوعا للحجیة بما هی صفة نفسانیة فهی موجودة فیکون الخبر حجة
و اما ان بنینا علی ان الوثاقة بما هی کاشفة کشفا ظنیا جعلت موضوعا للحجیة فهذه الجهة غیرموجودة هنا فلا یکون الخبر حجة
الصحیح هو الثانی یعنی ان الوثاقة جعلت شرطا للحجیة بما لها من الطریقیة الی الواقع لا بما هی صفة نفسیة
الدلیل علی ان الوثاقة لوحظت بما هی کاشفة عن الواقع:
و الدلیل علی ذلک:
اولا: هو ان الحدیث الصحیح شبه القطعی الذی تقدم فی العام الماضی ظاهر فی ان الوثاقة جعلت شرطا للحجیة بما هی کاشفة عن الواقع و الحدیث هو «العمري و ابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، و ما قالا لك عنّي فعنّي يقولان، فاسمع لهما و أطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان‏» فان کلمة الثقة یفهم منها عرفا ان الوثاقة لوحظت شرطا للحجیة بعنوان الطریقیة و الکاشفیة عن الواقع لا بما انها صفة نفسانیة موجودة فی الثقة
و ثانیا: فلأنّ ظاهر التعليل بالوثاقة في ذيله هو التعليل المتفاهم في نظر العرف المقرّب للحكم المعلّل في نظرهم لا التعليل التعبّدي الصرف، فإنّ الظاهر من التعليلات و الغالب فيها كونها للتقريب إلى الذهن و توجيه الحكم بما يستحسنه العقلاء، فالعلة یجب ان یکون مفهوما عند العرف فالمفهوم عند العرف ان تکون الحجیية مصبها الکشف عن الواقع لا ان یکون مصبها صفة نفسانیة
فظاهر التعلیل انه یکون تعلیل بامر عرفی و اذا کان مصب الحجیة هذه الحالة النفسانیة یکون التعلیل بامر تعبدی و لا یفهمه العرف فاذا علل الشارع یجب ان یفهمه العرف