الموضوع:
تحدید دائرة حجیة خبر الواحد- حجیة الخبر مع الواسطة
تلخص مما ذکرناه ان سیرة المتشرعة و اصحاب الائمة
الذین کانوا معاصرین للائمة کانت قائمة علی العمل بالاخبار مع الواسطة
و ذکرنا الدلیل علی قیام سیرتهم علی ذلک
ذکر عدة مویدات لقیام السیرة
علی العمل بالخبر مع الواسطة:
و هناک مویدات توید ما ذکرناه و توثر جدا
في حصول العلم او الاطمینان بان سیرتهم کانت قائمة علی العمل بالخبر
مع الواسطة
الموید الاول:
و
من جملة هذه المویدات انة لا اشکال في ان الخبر مع الواسطة له مراتب و درجات،
هناک خبر مع واسطة واحدة، یعني: ان الراوي ینقل عن الامام بواسطة شخص واحد
و هناک مرتبة اخری و هو الخبر مع واسطتین و هناک مرتبة ثالثة و هي عبارة
عن الخبر مع ثلاث وسائط و هکذا... فهناک مراتب للخبر مع الواسطة بحسب تعدد الوسطاء
فالوسائط قد تکون کثیرة و قد تکون قلیلة
و من جهة اخری نری ان الوسائط یختلفون
ایضا في حالاتهم و في درجة وثاقتهم، فقد تکون الواسطة في اعلی درجات الوثاقة
و قد تکون في الدرجة المتوسطة من الوثاقة و قد تکون في ادني درجات الوثاقة
فللوثاقة مراتب متعددة و مختلفة و هذا یودی
الی ان یکون للخبر مع الواسطه مراتب مختلفة
و حینئذ نسال: لو کان المتشرعة و اصحاب الائمة
المعاصرین لهم لو کانوا لا یعملون بالخبر مع الواسطة، ألم تکن مرتبة من
مراتب الخبر مع الواسطة قد یشک فیها فی جواز العمل به؟ یعني:
هل کان من الواضح عندهم جمیعا عدم حجیة الخبر مع الواسطة بجمیع مراتبها
حتی اذا کانت الواسطة في اعلی درجات الوثاقة و جلالة القدر؟ و حتی
اذا کانت بین الراوی و الامام واسطة واحدة؟ او کانوا یشکون في بعض
الاخبار مع الواسطة؟ و علیهم في هذه الحالة ان یراجعوا الائمة و یسالوا
عن حجیة الخبر مع الواسطة حینما تکون الوسائط قلیلة و فی اعلی
درجات الوثاقة
لو فرضنا انهم بحسب سجیتهم یرفضون العمل
بالخبر مع الواسطة -من دون ان یشعروا بانه لا بد لهم من ان یسالوا الامام-،
لا اشکال في ان هذه السجیة العقلائیة لها قدر متیقن و لها موارد
شک. فان القدر المتیقن منها ما اذا کانت الوسائط کثیرة او کانت الرواة
في ادنی درجات الوثاقة و موارد الشک من قبیل ما اذا کانت الواسطة واحدة
او اثنتین او الخبر مع الوسائط في اعلی درجات الوثاقة و فی الفرض
الثاني -اذا شکوا- فعلیهم ان یراجعوا الائمة و حینئد لکثر السوال
و الجواب، فان اجاب الائمة بجواز العمل به فهو و الا لوصل الینا شیء من
الروایات الناهیة عن العمل به
و ببیان آخر: لنفرض ان القدر المتیقن ما
اذا کانت الوسائط کثیرة او کانت الوسائط في ادنی درجات الوثاقة و لکن توجد
موارد یشک فیها في جواز الخبر مع الواسطة و لیس من المتیقن
عندهم ترک العمل بهذا الخبر، فاذا لم یکن واضحا عندهم الموقف الصحیح تجاه
هذه الروایات -مشکوکة الحجیه- فقطعا لکان علیهم السوال من الائمة
حول حجیة هذه الروایات و اذا فرض ان الائمة اجابوا بالنفي، نسال: أین
هذه الروایات الناهیة؟ حیث لم یصل الینا شیء من
هذه الروایات
الموید الثاني:
و من جملة المویدات انه اذا کان بناء الاصحاب
و فقهاء الشیعة في ذاک الوقت علی عدم العمل بالخبر مع الواسطة -و نحن نعلم
بان الفقهاء في ذاک الوقت کانوا کثیرین- لکان هذا یُخلِّف ذکرا في
کتب الاصول و الفقة و لکان یطرح -و لو بعنوان قول في المسالة- فکیف لم
یذکر هذا التفصیل في الکتب الاصولیة المولفة قریبا من ذاک
العصر الذي اشرنا الیة فمثلا کیف لم یذکر في عدة الشیخ و الکتاب
الاصولی للسید المرتضی؟ و لکان من المفروض ان یذکر هذه البناء
فی الکتب المولفة آنذاک و الحال انه لا یوجد مثل هذا القول و هذا یکشف
عن انه لم یکن بناء من اصحاب الائمه الاواخر علی عدم حجیة الخبر
مع الواسطة
الموید الثالث:
و من جملة المویدات قیام سیرة المتشرعة
و الفقهاء بُعید عصر الائمة فانهم منذ عصر الغیبة الصغری الی
الآن، یعملون بالاخبار مع الواسطة بدءا من الشیخ الکلیني-الذی
هو قریب من عصر الائمة- و الصدوق حتی الان
و حینئذ ناتي و نطبق في المقام احد طرق اثبات
تعاصر السیرة لزمن الائمة و هو انه لو کان اصحاب الائمة یترکون العمل بالخبر
مع الواسطة فمعناه ان المتشرعة و اصحاب الائمة الی اواخر المئة الثانیة
و اوائل المئة الثالثة یترکون العمل بالخبر مع الواسطة و بعد هذه الفترة انقلبت
سیرة المتشرعة الی العمل بالخبر مع الواسطة، فکیف انقلبت هذه السیرة
فی هذه الفترة القصیرة –بحسب تاریخ السیر-؟ فهذا یعتبر
من العجائب و لو کان قد حصل مثل هذا الانقلاب لکان ینقل فی الکتب بینما
لم ینقل شیء من هذا القبیل
و للبحث تتمة تاتي انشاءالله