الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تحدید دائرة حجیة خبر الواحد
کنا نتکلم في الحواب الثاني الذي ذکره الاصحاب حول الاشکال الموجود في الخبر مع الواسطة
الجواب الثاني:
و هو ما ذکره المحقق الخراساني[1] ایضا و في هذا الجواب یرید ان یعالج اشکال وحدة الحکم مع الموضوع -الذي هو احد الاشکالین- و یقول: انا اذا نلاحظ عالم جعل الحجیة نری ان الحجیة حکم جعل علی موضوع و الموضوع عبارة عن طبیعي الخبر الذي یترتب علیه طبیعي الاثر الشرعی، اذن یرتفع محذور وحدة الحکم مع الموضوع لان الموضوع غیر الحجیة.
ففي الخبر المباشر عندما یخبرنا زرارة بلاواسطة عن الامام جعلت الحجیة علی خبر زرارة باعتبار انه مصداق من طبیعي الخبر الذي یترتب علیه طبیعي الاثر المتمثل في وجوب الخمس في المعدن
و کذلک ایضا جعلت الحجیة في الخبر مع الواسطة علی طبیعي الخبر الذي یترتب علیه طبیعي الاثر المتمثل في حجیة کلام علي بن ابراهیم لان حجیة کلام علي بن ابراهیم ایضا اثر شرعي
فالحکم غیر الموضوع لان الحکم هو الحجیة و الموضوع عبارة عن طبیعي الخبر الذي یترتب علیه الاثر الشرعي فلا یلزم اتحاد الحکم مع الموضوع
مراد المحقق الخراساني من اصطلاح (الطبیعي):
ما هو المراد من الطبیعي في کلام المحقق الخراسانی؟
ان للطبیعي معنیان:
الاول: القضیة التي جعل المحمول و الحکم فیها علی الطبیعة بما هي طبیعة من دون السریان الی الافراد، فمثلا عندما نقول ان الانسان نوع، رتب الحکم علی الانسان بما هو طبیعة من دون سریان الحکم الی الافراد فلوحظت الطبیعة في عالم المفاهیم و الذهن و لم تلحظ جهة انطباقها علی الافراد
و لا یقصد المحقق الخراساني هذا المعنی بقوله قضیة طبیعیة؛ لان من الواضح لدی کل احد ان الحکم بالحجیة -المجعول في قول الشارع ان الخبر حجة- یسري الی الافراد و لا یقف علی الطبیعة بل یرید معنی آخر الذي نذکره
الثاني: القضیة التي جعل الحکم فیها علی الطبیعة مع سریان الحکم الی الافراد یعني انصب الحکم بالحجیة علی طبیعي الخبر الذي یترتب علیه الاثر و سری من الطبیعي الی الافراد
و طبیعي الاثر غیر الفرد من الاثر، فالموضوع عبارة عن الطبیعي و اما الافراد تختلف عن الطبیعي، رغم ان الطبیعي ینطبق علی الافراد لکن هذا المقدار من المغایرة یکفي في مغایره الحکم و الموضوع
فاذا کان الحکم عبارة عن الحجیة و الموضوع عبارة عن طبیعي الخبر الذي یترتب علیه طبیعي الاثر فلا یلزم محذور وحدة الموضوع و الحکم –و ان کانت الحجیة فرد من افراد طبیعي الاثر-
اذن ففي عالم الجعل تعلق الحکم بالطبیعة لکن لا بما هي مفهوم قائم في مقابل الفرد و المصداق- کما هو الشان في قضیة الانسان نوع- بل بما هي مفهوم یحکي عن الافراد لکن مع ذلک تبقي المغایرة المفهومیة بین الطبیعي و المصداق
هذا غایة ما یمکن ان یقال في توجیه کلام المحقق الخراساني
الاشکال علی الجواب الثاني:
و هذا الجواب الثاني غیر تام کالجواب الاول و ذلک لان المحقق المذکور ذهب ذهنه الشریف الی عالم لم یکن مصب الاشکال و مورده، حیث انه لم یقصد في هذا الاشکال -من اول الامر- اتحاد الحکم مع الموضوع في عالم الجعل لاننا اذا لاحظنا عالم الجعل فقط نری انه لا مجال للاشکال ابدا فان الحکم و املوضوع في عالم الجعل متغایران باي نحو تصورنا من انحاء الجعل
انحاء جعل الحکم علی الموضوع:
فان جعل الحکم علی موضوع یتصور علی انحاء ثلاثة
النحو الاول: الجعل علی نحو الاطلاق و هو ان یجعل الحکم علی الطبیعي مثل قولنا اکرم العالم، فان وجوب الاکرام جعل علی طبیعي العالم و فیما نحن فیه نقول ان الشارع جعل الحجیة علی عنوان مطلق و هو طبیعي الخبر الذي یترتب علیه طبیعي الاثر
و في هذا النحو لا یرد الاشکال المذکور لان الشارع جعل الحکم علی طبیعي الخبر و الطبیعي غیر الفرد الموضوع
النحو الثانی: الجعل علی نحو العموم و سیأتی توضیحه ان شاء الله


[1] کفایة الاصول، المحقق الخراساني، ص297.