الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تحدید دائرة حجیة خبر الواحد
ذکرنا تقریبات ثلاثة لارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلاواسطة و کان التقریبان الاولان تامّین و صحیحین
التقریب الثالث:
و ذکرنا التقریب الثالث الذي کان حاصله عبارة عن مجموع امرین:
احدهما: ان الکلیني عندما یخبر عن الوسیط عن الامام یخبر في الواقع عن علمه التعبدي بقول الامام
و الامر الثاني: هو ان اخبار الکلیني عن علمه التعبدي یکفي لنا في اثبات قول الامام و قد تقدم شرحه
الاشکال علی التقریب الثالث:
و هذا التقریب لا یسلم من عدة مناقشات نکتفي في المقام بذکر مناقشتین:
المناقشة الاولی: ان هذا التقریب لا یدفع روح الاشکال و جوهره، لان الاشکال الذي کان حول الخبر مع الواسطة –والذي کان له وجهان احدهما اتحاد الحکم مع الموضوع و الاخر تاخر الموضوع عن الحکم- لایزال باق
لان کون الکلیني یخبرنا عن علمه التعبدي فرع ان یکون خبر الوسیط علما و حجة للکلیني و في هذه الحاله یعود المحذور لان اخبار الکلیني عن علمه التعبدي ولید دلیل الحجیة و یکون في طول الحجیة
اذن، یتحد الحکم مع موضوعه لان الحجیة موضوعها اخبار الکلیني عن علمه التعبدي و اخبار الکلیني عن علمه التعبدي فرع حجیة خبر الوسیط و بالتالی یعود المحذور الثاني و هو اثبات الحجیة موضوع نفسها
فالاشکال بروحه باق و لم یندفع بهذا التقریب
المناقشة الثانیة: ان الظاهر من دلیل الحجیة- اذا کان دلیل الحجیة دلیلا لفظیا من قبیل السنة الشریفة- و المقطوع به من دلیل الحجیة –اذا کان دلیل الحجیة دلیلا لبیا کالسیرة- هو ان حجیة خبر الثقة انما هي بلحاظ ما لخبر الثقة من الکشف الذاتي التکویني عن الواقع یعني انما جعل خبر الثقة حجة من قبل الشارع هو لکون کشف هذا الخبر عن الواقع –کشفا ناقصا لا تاما-
فهناک ملاک وراء جعل الحجیة لخبر الثقة. هذا من ناحیة و من ناحیة اخري لیس للعلم التعبدي کشفا اصلا -بخلاف العلم الوجداني حیث ان له کشفا عن الواقع- فلا یکون الاخبار عن العلم التعبدي حجة لاثبات الواقع لان ملاک الحجیة هو الکشف و الکشف غیر موجود في العلم التعبدي
فمثلا لو بنینا علی ان قاعدة الطهارة امارة و بنینا علی مسلک العلمیة فاصالة الطهارة توجب العلم التعبدي بالطهارة، فلو اخبرنا مخبر بطهارة هذه السجاده (بناء علی اصالة الطهارة) ای: اجری هذا المخبر اصالة الطهارة فیها و اخبرنا بطهارته، اذن فهذا المخبر اخبرنا عن علمه التعبدي بطهارة هذه السجادة لان اخباره کان علی اساس اصالة الطهارة، لکن مع ذلک لیس في اخباره کشفا عن طهارة هذه السجادة.
 نعم خبره متصف بالحجیة لکن هذا الخبر لا یثبت لنا شیئا زائدا علی ما یثبت لنا باصالة الطهارة لاننا ایضا لو اجرینا اصالة الطهارة فی السجادة لکان یحصل لنا هذا المقدار
و علیه فالخبر مع الواسطة له درجة و مستوی من الکشف الذاتي التکویني عن الواقع (مثلا خسمین بالمئه) قبل التعبد بحجیة خبر الوسیط، -أی: سواء کان خبر الوسیط حجة او لم تکن حجة فهذه الدرجة موجودة- و هذه الدرجة نعبر عنها بالکشف الذاتي التکویني و کذلک بالنسبة الینا فنحن عندما یخبرنا الکلیني یحصل لنا مستوی من الکشف بقطع النظر عن التعبد بحجیة خبر الکلیني
و حینئذ ان جئنا و رفعنا المحذور بطریق آخر غیر التقریب الثالث، فمعناه اننا اثبتنا بدلیل الحجیة ان هذا الکشف الذاتي التکویني اصبحت حجة من قبل الشارع بموجب دلیل الحجیة
اما ان لم نرفع الاشکال و لم نجد علاجا آخر لحل المشکلة فکون المخبر عالما تعبدا بقول الامام لا یحل لنا الاشکال، لان علمه التعبدي لا یکشف عن الواقع اصلا و قلنا ان الحجیة صارت حجة بوصفه کاشفا عن الواقع بدرجةما و لا کشف في العلم التعبدي اصلا
اما ذاک الکشف الذاتي التکویني لخبر المخبر لا ربط له بالعلم التعبدي
اذن، ارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلا واسطة عن هذا الطریق و هو الطریق القائل بان المخبر یخبر عن علمه التعبدي بقول الامام لا قیمة له
و بکلمه اخری: ان هذا الخبر بما هو خبر عن الامام و ان کان له درجة من الکشف عن الواقع لکن المفروض عدم ثبوت حجیة هذا الخبر لان الاشکال الثبوتي لم ینحل، فلم تثبت حجیة هذا الخبر مع الواسطة فخبر الکلیني بوصفه خبرا عن الامام –بلاواسطة- لم تثبت حجیته و اما خبر الکلیني عن علمه التعبدي لا یکشف عن الواقع اصلا فلا تکون حجة
فالقریب الثالث لا ینفع فی ارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلاواسطة
هذا تمام الکلام في التقریبات الثلاثة و قد اتضح ان الصحیح هو التقریبان الاولان
و هذه التقریبات کلها کانت حول حل الاشکال من طریق ارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلاواسطة و هذا مطلب لم یذکره الاصحاب ابدا و لم نجد في کتب الاصحاب محاولة لارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلا واسطة، فکلهم درسوا المشکلة بلحاظ کون الخبر خبرا مع الواسطة
نعم توجد هناک محاولة واحده -ذکره المحقق الاصفهاني ینقلها عن الشیخ الحائري الموسس و هذا ما ینبئ عن ذکاوة الشیخ الموسس- لارجاع الخبر مع الواسطة الی الخبر بلاواسطة و هذه المحاولة و ان کانت صحیحة في اصل اتجاهها و لکن یختلف في مضمونها عن التقریب الذي نحن ذکرناه و یرد ایضا علیه اشکال و هذا ما ندرسه غدا ان شاءالله