الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تحدید دائرة حجیة خبر الواحد
کان الکلام في حجیة الخبر مع الواسطة و قلنا ان الکلام في ذلک یقع في مقامین:
المقام الاول: في البحث الثبوتي حول اصل امکان حجیة الخبر مع الواسطة
و المقام الثاني: حول أنه هل یستظهر حجیة الخبر مع الواسطة؟
فیما یتعلق في البحث الثبوتي، قلنا ان هناک اشکال یوجه الی حجیة الخبر مع الواسطة و یمکن ارجاع الاشکال الی وجهیین رئیسیین
الوجه الاول: انه یلزم من حجیة الخبر مع الواسطة اتحاد الحکم مع موضوعه او تقارن الحکم مع موضوعه و الحال ان اتحاد الحکم مع الموضوع مستحیل و غیر ممکن و تقارنهما ایضا مستحیل لان الحکم متاخر رتبة عن الموضوع و الموضوع متقدم رتبة فلو قلنا بحجیة الخبر مع الواسطة یلزم اتحاد المتقدم مع المتاخر و شرحنا هذا الوجه
الوجه الثانی: هو انه یلزم من حجیة الخبر مع الواسطة محذور آخر اشد من محذور الاول -اتحاد الحکم مع الموضوع- و هو عبارة عن تاخر المتقدم عن المتاخر لان المتقدم هو الموضوع و المتاخر هو الحکم فلو قلنا بشمول دلیل الحجیة للخبر مع الواسطة یلزم محذور تقدم المتاخر
توضیح المحذور: هو ان الحجیة کما قلنا في البحث السابق حکم شرعي و له موضوع و موضوعه مرکب من جزءین احدهما اصل الاخبار و الجزء الثاني ان یکون الاخبار اخبارا عن حکم شرعي او موضوع حکم شرعي
و اذا اتینا الی المثال السابق، -اي: روایة الکلیني عن علی بن ابراهیم عن ابیه عن الامام- نجد ان شمول دلیل الحجیة لاخبار علي بن إبراهیم عن ابیه یستلزم هذا المحذور لان الجزء الاول من موضوعي الحجیة، -اي: نفس الاخبار- لم یثبت لنا بالحس و بالوجدان بل نُقل لنا إخباره فهذا الجزء ثبت لنا ببرکة حجیة خبر الکلیني لاننا راینا کتاب الکافي فقط فاخبار علي بن ابراهیم لم یثبت لنا بالحس و الوجدان فثبت حجیة کلام علي بن إبراهیم ببرکة حجیة خبر الکلیني و هذا یعني ان الحجیة اثبتت موضوعها فحجیة خبر الثقة -و هو خبر الکلیني- اثبتت حجیة خبر علي بن ابراهیم فثبت الحکم قبل ثبوت موضوعها و هذا معناه تقدم المتاخر
و لو امکن ان یتحد المتاخر مع المتقدم – و لا یمکن- فمن الواضح انه لا یمکن ان یتقدم المتاخر فالإشکال الثانی أشد
فالحاصل: ان خبر علی  بن ابراهیم موضوع للحجیة و نرید اثباته بالحجیة یعني نرید ان نثبت بالحجیة موضوع الحجیة
و هذا الوجه یرد في کل الاخبارات الموجودة في السند باستثناء آخر السلسله و هو خبر الکلینی فان اصل اخبار الکلیني ثابت لنا بالوجدان لاننا راینا في کتابه هذا الخبر فاخباره ثابت یقینا و لو لم یکن خبر الثقة حجة
الفوارق الموجودة بین الوجهین:
و اذا قسنا الوجه الثاني نری ان هذین الوجهین من الاشکال یختلفان من حیث الملاک و یختلفان من حیث المصداق و المورد
الفرق الاول: اما انهما یختلفان من حیث الملاک فقد اتضح لان ملاک الوجه الاول کان اتحاد المتقدم مع المتاخر، أي: اتحاد الحکم مع الموضوع
و اما ملاک الوجه الثاني کان تاخر المتقدم و تقدم المتاخر
الفرق الثانی: و اما انهما مختلفان من حیث المصداق و المورد فلان مورد انطباق الوجه الاول یختلف مع مورد انطباق الوجه الثانی، فإن الوجه الاول ینطبق علی  کل الاخبارات باستثتناء الخبر المباشر عن الامام و اما الوجه الثاني ینطبق علی  کل الاخبارات باستثناء الخبر الاخیر، -أي: اخبار الکلیني عن علی  بن ابراهیم- فالنسبة بین الوجهین عموم و خصوص من وجه
ففي مادة الاجتماع أي: کل الاخبارات الواقعة في وسط السلسله –غیر الاول و الاخیر- یرد کلا محذورین و اما الخبر الاخیر یرد فیه الوجه الاول فهو مادة افتراق الوجه الاول و اما الخبر الاول یرد فیه الوجه الثاني فهو ماده افتراق الوجه الثانی
الفرق الثالث: و هناک فرق ثالث و هو ان الوجه الثاني یشتمل علی مغالطة لا یشتمل علیها الوجه الاول لان فیه خلطا بین عالم الثبوت و عالم الاثبات
لاننا نجد خلطا بین ثبوت الخبر واقعا و بین ثبوته ظاهرا و تعبدا، -أي: نجد خلطا بین الخبر نفسه و بین الکشف عن الخبر-
توضیحه: أن موضوع حجیة الخبر هو الخبر بوجوده الواقعي –أي: اذا صدر من ثقةٍ اخبارٌ فهذا الاخبار موضوع للحجیة فموضوع الحجیة نفس الخبر بوجوده الواقعي سواء عرفنا ثبوت الخبر او لم نعرف ثبوته
لان الحجیة تکون کحرمة الخمر فکما إذا وجدت خمر تتصف بالحرمة فکذلک إذا وجد إخبار الثقة یتصف بالحجیة
فیظهر أن الوجه الثاني یشتمل علی مغالطة و هي أن المتاخر هو الحکم و المتقدم هو الموضوع بوجوده الواقعي و أما ما یثبت في طول الحجیة هو وجود الاحرازي للخبر -أي: ثبوت الخبر عندنا تعبدا و ظاهرا- فنحن حینما کنا نطبق هذا الوجه الثاني علی خبر علي بن ابراهیم کنا نقول: ان اخبار علي بن ابراهیم لم یثبت لنا بالحس و الحال ان هذا الکلام ینطوي علی خلط بین الثبوت و الاثبات لان ثبوت خبر علي بن ابراهیم موضوع للحجیة –بغض النظر عن ثبوته عندنا- و من نتائجه ثبوت اخباره بوجوده الواقعي و انما اَحرزت حجیة کلام الکلیني اخبارَ علي بن إبراهیم لنا فوجوده الاحرازي و الکشفي ثبت لنا بالحجیة