الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الجواب علی الشبهة المثارة حول الاستدلال بالسیرة علی حجیة خبر الواحد
کنا بصدد الجواب علی هذه الشبهة القائلة بان المتشرعة انما کانوا یعملون بخبر الواحد الثقة من اجل حصول الاطمینان لهم بصدق هذا النقل و حصول الاطمینان امر تکوینی و تابع لحساب الاحتمالات فیضعف احتمال الخلاف عند تجمع القرائن بحیث یترکه ذهن الانسان، فالشبهة تقول ان المتشرعة یعملون بخبر الثقة و یحتمل ان یکون اساس عملهم حصول الاطمینان من خبر الثقة
نحن قلنا فی مقام الجواب: ان صاحب هذه الشبهة تارة یدعي ان المتشرعة کان یحصل لهم الاطمینان علی الموازین العقلائیة و تارة یدعي حصول الاطمینان للمتشرعة و لو جزافا، أی: بدون اساس صحیح و بدون نکتة و جهة
بدانا بالاحتمال الاول و قلنا ان عمل المتشرعة بخبر الواحد الثقة ان کان علی اساس حصول الاطمینان لهم –اطمینانا بحق و علی اساس الموازین- فانه توجد عدة موارد و حالات لا یحصل عاده للانسان العاقل الاطمینانُ بالصدق و مع ذلک نری ان المتشرعة عملوا باخبار الثقات و هذا یکشف عن ان عملهم ما کان علی اساس حصول الاطمینان بل کان علی اساس اماریة وثاقة الراوی علی صحة الخبر و ان لم یحصل الاطمینان للانسان، فشرعنا فی ذکر عدة حالات و موارد توجد عوامل تعیق و تمنع عن حصول الاطمینان بالصدق و مع ذلک نری ان المتشرعة یعملون بخبر الثقة و ذکرنا الحالة الاولی من هذه الحالات
الحالة الثانیة: ما اذا فرض ان خبر الثقة یدل علی العموم و الاطلاق و کان فی مقابله مخصص او مقید فی دلیل قطعي السند او ظني السند و فی مثل هذه الحالة نری ان المتشرعة یخصصون الخبر بالسنة القطعیة او بالقرآن الکریم
و السوال هو انهم هل یعملون بالعام او المطلق في الباقي بعد التخصیص او یترکون العام نهائیاً؟ لنفرض ان الخبر یدل علی وجوب شیء فی کل وقت و الآیه عینت وقتا معینا ففي مثل هذه الحالة ان المتشرعة یعملون بالخبر في الباقي
و لم یکن عملهم في الباقي علی حصول الاطمینان لهم بصدق الخبر، لانه في مثل هذه الحالة لا یحصل للانسان العادي الاطمینان بصدق الخبر علی اساس حساب الاحتمالات لانه لا یمکن تکوینا حصول الاطمینان العادي في مثل هذا المورد، لان المخصص و المقید له کاشفیة عن الواقع و بکشفه عن الواقع یشکل عاملا من عوامل ضعف احتمال صدق الخبر -الدال علی العموم و الاطلاق- و صدور هذا الخبر، لان المقید یکشف عن احد امرین:
الاول: ان لا یکون العام صادرا
الثانی : ان لا یکون ظاهره مرادا
و بالتالي لا یحصل للانسان العادي الاطمینان لان نفس وجود المقید یمنع عن حصول الاطمینان علی اساس حساب الاحتمالات
و هذا یکشف عن ان عمل المتشرعة باخبار الثقات لم یکن علی اساس حصول الاطمینان، بل کان علی اساس کون وثاقة الراوی کاشفة عن صحة نقله و خبره و ان لم یکن مفیدا للاطمینان
الحاله الثالثه: ما اذا فرضنا انه تعارض خبر الثقة مع خبر الثقة الآخر فخبر یدل علی الوجوب و آخر یدل علی عدم الوجوب ففي مثل هذه الحالة ماذا کان عمل المتشرعة و ماذا کان موقفهم تجاه هذین الخبرین؟ هل انهم یعملون باحد الخبرین او کانوا یترکون الخبرین معا؟
لا شک ان المتشرعة -کما هو الظاهر من حالهم- کانوا یتحیرون في مقام الجمع بین الخبرین المتعارضین فظاهر حال المتشرعة هو التحیر و استفدنا حصول هذه الحالة -من اسئلتهم عن اهل البیت و الائمة علیهم السلام
و هذا یکشف عن انهم کانوا یفترضون ثبوت مقتضي الاعتبار فی کل من الخبرین، فکان مقتضي الاعتبار في کل من الخبرین -في نفسه- موجودا عندهم فلذا یسالون عن الائمة و الا لو لم یکن فیه مقتضي الاعتبار لما کان للسوال وجه و کان موقفهم طرح الروایة لا التحیر في الاخذ بهما
و من الواضح انه لو کان عملهم بخبر الثقة هو علی اساس حصول الاطمینان لما کان یحصل الاطمینان للانسان العادي في مثل هذه الحاله فتحیرهم یدل علی ان عملهم لم یکن علی اساس حصول الاطمینان
الحالة الرابعة: حالة التعارض بین خبر الثقة مع خبر غیر الثقة
فاذا دل خبر الثقة مثلا علی الوجوب و دل خبر غیر الثقة علی عدم الوجوب نحن نری أن المتشرعة -في مثل هذه الحالة- یعملون بخبر الثقة و لو کان الاساس عندهم حصولَ الاطمینان الشخصي بالصدور لما کان یحصل للانسان العادي الاطمنیانُ بالصدق فیما اذا عارضه خبر غیر الثقة، اذ یحتمل في مثل هذه الحالة خطأ الثقة فیمنع هذا الاحتمال عن حصول الاطمینان الشخصي، لان المانع عن حصول الاطمینان لیس منحصرا بخبر الثقة اذ یحتمل أیضا صدق خبر غیر الثقة –فإن الکاذب قد یصدق- فلا یوجد الاطمینان بحسب حساب الاحتمالات
نعم، لو کان المعارض خبرَ شخص معروف بالکذب یمکن ان یحصل للانسان الاطمینان بصدق خبر الثقة لان خبر انسان معروف بالکذب لا یشکل مانعا عن الاطمینان بصدق خبر الثقه بحسب حساب الاحتمالات
و تأتي تتمة البحث غدا إن ­شاء الله