الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/04/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الدليل العقلي علي حجية خبر الواحد
کنا ندرس فکرة انتزاع العلم الاجمالی الثالث و قلنا ان هذه الفکره قائمة علی مبنی اصولی قائل باستلزام کل علم اجمالی العلمَ بقضایا شرطیة عدیدة بعدد اطراف العلم و قلنا: ان هذا المبنی صحیح بالنسبة الی القسم الاول من العلوم الاجمالیة و هو العلوم الاجمالیة القائمة علی اساس الدلیل و البرهان
و ان کان العلم الاجمالی قائما علی اساس حساب الاحتمالات و تجمع القیم الاحتمالیة لا نقبل هذا المبنی، (کالعلم الاجمالی بنجاسة احدی الاوانی المئة التی هی فی معرض استعمال الکفار –حیث أنه من المستبعد جدا عدم استعمالهم لشیء من هذه الاوانی المئة فاحتمال عدم استعمالهم مطلقا ضعیف جدا و یحصل للإنسان علم بان الواحد منها علی الاقل مستعمل من قبلهم-)
فمثل هذا العلم لا یستلزم العلم بقضایا شرطیة عدیدة فمثلا لا یصح ان نشیر الی تسع و تسعین آنیة و نقول لو کان هذه الاوانی کلها طاهرة و لم تکن مستعملة فالاناء الاخیر هو النجس و السبب فی ذلک هو اننا لو فرضنا طهارة تسع و تسعین آنیة معناه فرض غض النظر عن تسع و تسعین قیمة احتمالیة، فالقوى الإحتمالیة المئة غير مجتمعة على إثبات نجاسة هذا الإناء على تقدير طهارة الباقي، اذن لم تکن القیم الاحتمالیة المئة مجتمعةً علی صدق هذه القضیه الشرطیة
و من الواضح أنه لو لم تکن القیم المئة مجتمعة، لا یحصل العلم بهذه القضیه الشرطیة -بعد ان فرضنا ان هذا العلم الإجمالی یحصل من حساب الاحتمالات و من تجمع القیم الاحتمالیة-
و لذا لو علمنا بطهارة تسع و تسعین آنیة علما تفصیلیا لا یحصل العلم بنجاسة الاناء الاخیر و یختل منشأ العلم الاجمالی لانه لا یوجد هذا المنشأ بالنسبة الی الاناء الاخیر بخلاف القسم الاول (حیث انه هناک لا یختل منشأ العلم الاجمالی، أی: إذا أخبر المعصوم بنجاسة أحد الإناءین و علمنا تفصیلا بطهارة الإناء الأیمن یحصل لنا العلم بنجاسة الإناء الأیسر و لا یختل منشأ العلم الإجمالی –دلیل عصمة المعصوم- بالعلم بطهارة الإناء الأیمن)
حتی لو فرضنا العلم التفصیلی بطهارة الإناء الواحد یختل منشأ العلم الاجمالی حیث فرضنا نشوء العلم من تجمع القیم الاحتمالیة المئة و بعد العلم بطهارة إناء واحد یختل هذا المنشأ حیث تجتمع القیم الاحتمالیة التسع و التسعین و هذا خلف، لأننا فرضنا حصول العلم من تجمع القیم الإحتمالیة المئة
فالحاصل ان هذا المبنی لیس لازما ذاتیا للعلم الاجمالی مطلقا بل انه یدور مدار منشأ العلم الاجمالی فان لم یکن المنشأ یختل علی تقدیر عدم بعض الاطراف فهذا المبنی صحیح و ان کان المنشأ یختل علی تقدیر عدم بعض الاطراف فلیس المبنی صحیحا
و بعد اتضاح هذه الفکرة نرجع الی ما نحن فیه(الفرض الأول من الحالة الخامسة) و نقول: -بعد سقوط العلمین الاجمالیین فی مادة الاجتماع-: انه لو فرضنا انتزاع علم اجمالی ثالث یقوم بمادتی الافتراق، لکفی هذا العلم الاجمالی فی تنجیز العلم الاجمالی بالنسبة الی مادتی الإفتراق
و حیث قلنا ان اساس هذا التولد هو المبنی الاصولی -و أثبتنا أن هذا المبنی صحیح بالنسبة الی القسم الاول من العلوم الاجمالیة و الذی کان قائما علی اساس دلیل و برهان و غیر صحیح بالنسبة الی القسم الثانی، أی: ما کان قائما علی اساس حساب الاحتمالات- فالنتیجة هی انه لا یتولد من العلمین الاجمالیین الموجوده فی هذه الحالة، علم اجمالی ثالث یقوم بمادتی الافتراق
ولنفرض ان المقدار المعلوم بالاجمال فی العلم الاجمالی الاول ثبوتُ تکلیف واحد فی دائرة الروایات (و بعد ذلک نفترض اکثر من تکلیف واحد) و نقول: عندنا علمان اجمالییان، الاول: ثبوت تکلیف واحد بین هذه الروایات -إما هو وجوب صلاه الجمعه و إما هو تکلیف آخر موجود ضمن سائر الروایات- و الثانی: العلم الاجمالی بوجوب الظهر او الجمعة
فإن العلم الاجمالی الثانی قائم علی اساس الدلیل و هو من القسم الاول و لکن المشکلة فی العلم الاجمالی الاول، حیث أنه لا یستلزم العلم بقضیتین شرطیتین و السبب هو ان هذا العلم الاجمالی الاول هو من القسم الثانی، أی: قائم علی اساس حساب الاحتمالات فهو علم متولد من تجمع الاحتمالات -لاننا علمنا ثبوت تکلیف واحد علینا علی اساس حساب الاجتمالات و تجمع القرائن و استبعاد مخالفة جمیع الروایات للواقع- و قد عرفنا أن هذا العلم الاجمالی لا یوجب تولد علم اجمالی ثالث
و السبب فی عدم تولد العلم بهاتین القضیتن الشرطیتین هو ان فرض فقد الشرط هو فرض اختلال منشأ العلم الاجمالی و اذا اختل منشأ العلم اجمالی لا یتولد علم بالقضیتین الشرطیین
هذا کله فیما اذا افترضنا ثبوت تکلیف واحد بین الروایات الموجودة بایدینا
بعد ذلک نفترض ثبوت اکثر من تکلیف واحد بین مجموع الروایات و هذا ما یاتی غدا إن شاء الله